من فروض الكفاية
كما احتمله في الذكرى لم يكن تقصير منه بترك التعلم مع وجود القائم بقدر الكفاية ،
قال في الذكرى : ويحتمل كون ذلك من فروض الكفاية كالعلم بالأحكام الشرعية ، يعني
كما أن معرفتها واجبة ويكفي التقليد ، وانما يجب الاجتهاد فيها كفاية إجماعا ،
لانتفاء الحرج والعسر في الدين ، قال : ولندور الاحتياج إلى مراعاة العلامات ، فلا
يكلف آحاد الناس بها ، ولأنه لم ينقل عن النبي والأئمة بعده ( عليهم الصلاة
والسلام ) إلزام آحاد الناس بذلك ، ثم قال : فان قلنا بأنه من فروض الكفاية
فللعامي أن يقلد كالمكفوف ولا قضاء عليه.
لكن قد يناقش أولا
بأن التكليف بالصلاة المشترط فيها الاستقبال يقتضي وجوب تحصيل الشرط عينا ، ولا
يخرج عنه إلا بدليل. وثانيا بأنه لا تلازم بين كون ذلك من فروض الكفاية وبين
الرجوع إلى الغير في جهة القبلة ، إذ لعله يجب عليه السؤال عن أمارات القبلة ثم
العمل عليها وإن لم يكن يعرف أنها أمارات ، ولعل ذلك هو الأقوى في النظر بمعنى
الوجوب العيني لكن لا على الاجتهاد المستلزم للعسر والحرج ، فان الظاهر مشروعية
التقليد للعامي في الحكم الشرعي وفي الموضوعات ومصاديقها النظرية المحتاجة إلى بحث
وترجيح لا يصلح له إلا الأوحدي من الناس ، نعم الظاهر عدم وجوب ذلك قبل تحقق
الخطاب بالصلاة ، إذ هو من المقدمات التي لا تجب قبل وجوب ذيها ، ولعله إليه أومأ
في الذكرى بقوله : ويحتمل قويا وجوب تعلم الامارات عند عروض حاجته إليها عينا
بخلاف ما قبله ، لأن توقع ذلك وإن كان حاصلا لكنه نادر ، إلا أنه قال بعد ذلك :
يكفي في الحاجة إرادة السفر عن بلده ، وفيه ما لا يخفى ، كما أن قوله ـ قبل هذا
الاحتمال واحتمال الكفاية : الأقرب أنه أي وجوب تعلم القبلة من فروض الأعيان ،
لتوقف صحة فرض العين عليه ، فهو كباقي شرائط الصلاة ، سواء كان يريد السفر أولا ،
لأن الحاجة إليه قد تعرض بمجرد مفارقة الوطن ـ لا يخلو من