وعدمه في آخر ،
وإثارته التراب وعدمه ، وحصول الغيم به وعدمه ، وغير ذلك ، فحينئذ يجعل مهب كل
منها على ما علم من حال العراقي إن كان عراقيا ، والشامي إن كان شاميا ، لكن الحق
انه لا يعرف ذلك إلا آحاد في الناس كما اعترف به في المسالك وغيرها ، ولقد أجاد
العلامة الطباطبائي بقوله :
وفي الرياح
بالجهات الأربع
شواهد لعارف
مطلع
وأما سهيل فالظاهر
تعرف القبلة به عند غاية ارتفاعه ، فإنه حينئذ يكون مسامتا لنقطة الجنوب كما في
غاية ارتفاع كل كوكب ، وحينئذ كيفية العلم به عكس الجدي ، ضرورة كونه حينئذ في
أواسط العراق مقابلا للمنكب الأيسر ، وفي شرقية للخد الأيسر ، وفي غربيه بين
العينين كما هو واضح ، واليه أشار في المنظومة بقوله :
وفي سهيل ما
يزيح العلة
عكس الجدي في
بيان القبلة
إلى غير ذلك من
الامارات التي يمكن استنباطها ولو بالمقايسة للمنصوص منها ، قال في كشف اللثام : «
الجدي وضعه الشارع إمارة لسمت من السموت ، ولكنها تفيد أمارات لسائر السموت
بمعاونة الحس والقواعد الرياضية المستندة إلى الحس » قلت : ولعله لذا اشتهر في
ألسنة الأصحاب إطلاق الأمارات الشرعية على العلامات المذكورة في كتبهم للعراقي
وغيره ، وإلا فقد عرفت أن الموجود في النصوص منها الجدي والمشرق والمغرب في وجه ،
نعم ربما كان فيها إشعار بأن النجوم والشمس والقمر ونحوها علامات للقبلة في الجملة
، ولعله اعتمادا على معرفة الناس في ذلك الوقت لم يذكر كيفية الاستدلال بها ، أو
لأن ذلك ليس وظيفته عليهالسلام ، بل هو موضوع يرجع إلينا في كيفية الاستدلال به على
القبلة ، أو لاغتفار التسامح بما يخشى الخطأ منه ، أو لغير ذلك ، وربما كان الأخير
لا يخلو من قوة ، لما عرفت من اختلاف مؤدى الامارات السابقة مع إطلاق النصوص
والفتاوى ، وما ذاك إلا للتسامح.