نعم ينبغي
الاقتصار في ذلك على غير الخمر المستهلكة بالخل نحو القطرات منه الواقعة في حب
ونحوه من الخل ، فلا يطهر ولا يحل بمجرد الاستهلاك من دون انقلاب واستحالة قطعا ،
بل وإجماعا ، خلافا لأبي حنيفة استصحابا لحكم الخمر ونجاسة الخل به.
ودعوى تناول لفظ
الجعل والتحويل والقلب في الأخبار لمثل ذلك واضحة المنع ، كدعوى مساواته للاستحالة
المفهومة بتغيير الاسم ونحوه ، بل هي قياس محض ، بل قضيتها طهارة سائر النجاسات
باستهلاكها وذهاب اسمها في ممازجة شيء من المائعات المعلوم بطلانه ضرورة من
المذهب أو الدين.
ولا بانقلاب ما
بقي من ذلك الخمر الواقع في الخل واستحالته ، خلافا لنهاية الشيخ في أحد الوجهين
وتهذيبه ، بل عن مختلف الفاضل استقرابه ، فاكتفيا في طهارته وحليته بذلك ، لدلالة
انقلابه على تمامية استعداده للخلية ، والمزاج واحد ، بل استعداد الملقى في الخل
أتم ، لكن لا يعلم لامتزاجه بغيره ، فإذا انقلب الأصل المأخوذ منه علم انقلابه
أيضا.
بل قد يظهر من
السرائر ان مضمون ما ذكره الشيخ رواية ، لكن قال : « إن الذي يقتضيه أصول مذهبنا
ترك العمل بهذه الرواية الشاذة ، ولا يلتفت إليها ولا يعرج عليها ، لأنها مخالفة
لأصول الأدلة مضادة للإجماع ، لأن الخل بعد وقوع قليل الخمر في الخل صار بالإجماع
الخل نجسا ، ولا دلالة على طهارته بعد ذلك ولا إجماع ، لأنه ليس له حال ينقلب
إليها ، ولا يتعدى طهارة ذلك الخمر المنفرد واستحالته وانقلابه إلى الخل الواقع
فيه قليل الخمر المختلط به الذي حصل الإجماع على نجاسته ، وهذه الرواية شاذة
موافقة لمذهب أبي حنيفة ، فإن صح ورودها فتحمل على التقية » انتهى.
فظهر حينئذ ضعفه
إن كان المراد التعبد للرواية بما سمعته من السرائر ، وإن كان المراد العلامة
والدلالة على انقلاب الممزوج ففيه منع حصول العلم والقطع منها بذلك ، ولا يكفي
الظن ، على أنه مبني على القول بطهارة هذا المستهلك مع انقلابه إلى الخلية ،