التي ادعاها ـ مناف
لنفي الضرر والعسر والحرج في الدين ، سيما إذا استلزم ذلك سؤاله وذلة ، ولسهولة
الملة وسماحتها ، مع عموم بدلية التراب عن الماء ، واستقراء أمثال هذه الموارد في
الواجبات الأصلية فضلا عما كان وجوبه من باب المقدمة وله بدل.
فبذلك كله يخرج عن
تلك الإطلاقات لو سلم تناولها ، واحتمال العكس بعد تسليم قبول هذه العمومات
التخصيص لا وجه له ، سيما بعد رجحان هذه بعمل الأصحاب وغيره.
نعم قد يناقش في
شمول تلك العمومات لمثل المقام بمنع كونه عسرا وحرجا ، وإلا لم يقع نظيره في الشرع
من الجهاد وبذل المال في الحج وغير ذلك ، وبأن المراد من حديث الضرار النهي عن أن
يضر أحد أحدا لا ما نحن فيه ، ويدفعه منع عدم الشمول ، لأن المراد بالحرج المشقة
التي لا تتحمل عادة وإن كانت دون الطاقة ، على أن استقراء موارد سقوط الطهارة
المائية يشعر بإقامة الشارع التراب مقامها بأقل من ذلك كما لا يخفى.
فلعل العسر والحرج
يختلف بالنسبة للتكاليف باعتبار المصالح المترتبة عليها ، فمنها ما لا عسر ولا حرج
في بذل النفوس له فضلا عن الأموال كالجهاد لما يترتب عليه من المصالح العظيمة التي
يهون بذل النفوس لها ، ومنها ما لا يكون كذلك مثل ما نحن فيه ، كما يعطيه فحاوي
الأدلة ، للأمر بتركه في كثير من مظان أقل الضرر.
نعم قد يتأمل لما
ذكره ولباب المقدمة في بعض أفراد الضرر الذي يتحمل مثله عادة ، وإلا فمطلق الشراء
بالثمن الكثير الزائد على ثمن المثل ضرر ، كما ينبئ عنه استدلال الأصحاب في أبواب
المعاملات على أمثاله بنفي الضرر ونحوه ، ومن هنا لم يعتبر المضرة اليسيرة في
المهذب وظاهر مجمع البرهان على ما حكي عنهما.
كما انه قد يتأمل
فيما ذكره المصنف في المعتبر دليلا للحكم السابق غير ما قدمناه ، وتبعه غيره من
أنه إذا لم يجب السعي وتعريض المال للتلف مع خوف أخذ اللص ما يجحف به وساغ التيمم
دفعا للضرر فهكذا هنا ، بالفرق بينه وبين ما نحن فيه ، للنص فيه