بولا ثم ذبحت : «
يغسل ما في جوفها ثم لا بأس به ، وكذلك إذا اعتلفت العذرة ما لم تكن جلالة ،
والجلالة التي يكون ذلك غذاءها » بناء على انصراف العذرة فيه إلى عذرة الإنسان ،
وان الإشارة بذلك إليها ولتحقيق البحث فيه مقام آخر.
وفي رجيع ما لا
نفس له وبوله من غير المأكول مما لا يشق التحرز عنه كالذباب ونحوه تردد دون ما يشق
، وان كان ظاهر المصنف هنا وصريحه في المعتبر التردد فيه أيضا ، لكنه في غير محله
، للأصل والسيرة القاطعة والحرج ، مع عدم شمول ما دل على التنجيس لمثله ، إذ هو ـ مع
عدم تحقق البول منه ، وانصراف مثل لفظ الخرء والعذرة ونحوهما ، بل والبول أيضا لو
كان منه إلى غيره ـ لا يدخل كثير من أفراده فيما لا يؤكل لحمه ، لظهوره في ذي
اللحم المحرم دون ما لا لحم له ، ولذا لم تبطل الصلاة بشيء من فضلاته ، فليس
للفقيه حينئذ التردد في مثله ، بل لعله من الضروريات ، نعم هو في محله بالنسبة إلى
ذي اللحم غير المأكول ولا مشقة في التحرز عنه ، من عموم ما لا يؤكل لحمه والقاعدة
السابقة ، ومن الأصل وظهور انصراف البول لغيره لو قلنا بتحقق بول منه ، مع منع ما
يدل على نجاسة غير البول على وجه يشمل مثل رجيعه ، ومن هنا قال في المدارك : « إني
لا أعرف وجها للتردد في رجيعه » إلى آخره. ولطهارة ميتته ودمه ، فصارت فضلاته
كعصارة النبات ، ولإشعار ما دل [١] على نفي البأس عما مات منه في البئر بذلك أيضا ، سيما مع
شموله لما لو تفسخ فيها بحيث خرج جميع ما في بطنه من فضلاته ، ولعدم تحقق خلاف فيه
من أحد كما اعترف به في الحدائق وشرح الدروس ، ومن هنا اختير فيهما الطهارة وفاقا
لظاهر من قيد نجاستهما بذي النفس ، كالسرائر وأكثر من تأخر عنها ، ولصريح المعتبر
والمدارك والمنتهى والتذكرة ، بل قد يؤذن نسبة الخلاف فيه إلى الشافعي وأبي حنيفة
وأبي يوسف خاصة في الأخيرين بعدم خلاف فيه منا.
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٣٥ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ٢.