نعم ما فيه من
دعوى رجوع الشيخ عن ذلك في الخلاف ليس في محله ، ضرورة كون الشيخ مترددا أو مائلا
إلى العدم أولا ، وثانيا في غير مفروض المسألة كما عرفت ، لا في ما نحن فيه من
الهرب حتى مات ، ودعوى عدم الفرق بين الموضوعين واضحة المنع.
ومنه يعلم ما في
عنوان غير واحد من المتأخرين المسألة بمن هلك ونحوه ، خصوصا الشهيد في اللمعة فإنه
قال : « ولو هلك قاتل العمد فالمروي أخذ الدية من ماله وإلا فمن الأقرب فالأقرب »
مع أنه صرح في غاية المراد بنسبة تخصيص الحكم في الهارب حتى يموت إلى الروايات
وأكثر كلام الأصحاب ، بل الظاهر منها ذلك بالنسبة إلى الأقرب فالأقرب من الورثة
الذي هو أيضا من معقد إجماع الغنية ، وما في المسالك من ان المتأخرين على عدمه لم
نتحققه ، بل ادعى غير واحد الإجماع المركب على ذلك منهم ، ولا استبعاد في الحكم الشرعي
، خصوصا بعد أن كان إرثه لهم.
ودعوى أن ذكر
الهرب والموت في بعض النصوص المزبورة [١] في سؤاله لا في الجواب ، بل خبر أبي بصير [٢] لا ذكر فيه للموت
في السؤال فضلا عن الجواب ومن هنا جعل غير واحد العنوان الهالك يدفعه عدم استقلال
في الجواب على وجه يخصصه ما في السؤال ، لكن قيل إن التعليل فيها بعدم بطلان دم
المسلم يقتضي ذلك ، وفيه أنه ظاهر في كونه تعليلا لتأدية الامام عليهالسلام له لا أصل الحكم
، ولعله لذا كان ظاهر الأصحاب الاقتصار على خصوص الهارب الميت ، نعم يمكن
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٦ ـ من أبواب القصاص في النفس والباب ـ ٤ ـ من أبواب العاقلة ـ من كتاب الديات.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ٤ ـ من أبواب العاقلة ـ الحديث ١ من كتاب الديات.