قال به المصنف على
ذلك ، وحكم بالجواز مع إرادة تغسيله كتغسيل الجمادات لا بقصد الإكرام والاحترام ـ قال
ـ : وعسى أن يكون ذلك مكروها لتشبيهه بالمؤمن ، وكذا إن أريد إكرامه لرحم أو صداقة
أو محبة ، وان أريد إكرامه لإقراره بالشهادتين احتمل الجواز ، أما إذا أريد إكرامه
لكونه أهلا له لخصوص نحلته أو لأنها لا تخرجها عن الإسلام والناجين حقيقة فهو حرام
ـ وقال بعد ان حكى عن الشرائع الجواز ، وعن المبسوط والنهاية والجامع الكراهة ـ :
لا خلاف بين القول بالجواز والحرمة إذا نزلت الحرمة على ما ذكرناه ، ولا ينافيه
استثناء التقية ، لجواز أن يكون الدلالة على المراد » انتهى.
وفي كلامه مواضع
للنظر لا تخفى ، وكأن الذي دعاه الى ذلك تعبير بعض الأصحاب كالمصنف رحمهالله بالجواز وآخر
بالكراهة ، وثالث بالحرمة ، ورابع بالوجوب ، فأراد الجمع بين الجميع بعد ان ثبت عنده
ان سبب منع التغسيل للمخالف انما هو من جهة عدم استحقاقه للإكرام والاحترام ،
والفرض ان وجوب غسل الميت لذلك ، ولعله يرتكب مثل هذا التفصيل في الكافر أيضا ،
ويحتمل أنه يفرق بينهما ، ومن المعلوم أن من عبر بالجواز كالمصنف لم يرد ذلك ، بل
الظاهر إرادة إثبات أصل الجواز في مقابلة القول بالمنع ، وإلا فمتى جاز وجب لعدم
معقولية غيره ، ويشعر بذلك تعبيره به عن المؤمن والمسلم ، حيث قال : كل مظهر
للشهادتين يجوز تغسيله ، ومن المعلوم وجوبه بالنسبة للأول ، فلا ينبغي الإشكال في
ذلك من هذه الجهة على ما وقع من بعض متأخري المتأخرين حتى بالغ في الإنكار ، كما
أنه لا ينبغي الإشكال فيه من جهة التعبير بالكراهة أيضا على ما ستعرف ، ثم لم نعلم
أنه ما يريد بالجواز في الصورة التي جوزها فيه هل هو بمعنى الإباحة الخاصة أو
المندوب في مقابلة الحرمة؟ كالكراهة التي ذكرها بمعنى أقلية الثواب أو المصطلحة ،
وكيف كان فلا ينبغي الإشكال في خروج ما ذكره عن أخبار الباب وكلام الأصحاب ، ولعله
عند التأمل يرجع الى إنكار التغسيل