إذ أقصاه بعد
اعتبار المفهوم وكون لفظ المؤمن لا يشمل المخالف عدم حصول ذلك الموظف من الثواب
على تغسيل غير المؤمن ، وهو مسلم لك ، بل ستعرف انه مكروه على ما ذكر جماعة من
الأصحاب.
والأصل في الخلاف
في المقام المفيد في المقنعة ، حيث قال : « ولا يجوز لأحد من أهل الايمان أن يغسل
مخالفا للحق في الولاية ، ولا يصلي عليه إلا أن تدعوه ضرورة الى ذلك من جهة التقية
» انتهى وربما ظهر من الشيخ في التهذيب موافقته عليه ، حيث استدل عليه بأنه كافر ،
ولا يجوز تغسيل الكافر بإجماع الأمة كالمحكي عن المراسم والمهذب من ان المخالف لا
يغسل ، ولعله الظاهر من السرائر أيضا ، واختاره جماعة من متأخري المتأخرين ، وجعل
في الحدائق منشأ القولين هو الحكم بإسلامه وكفره ، فلا إشكال في وجوب الغسل بناء
على الأول وان لم يدل عليه دليل بالخصوص تمسكا بالعمومات ، كما انه لا إشكال في
عدمه بناء على الثاني ، ومن هنا أنكر على الذخيرة والمدارك حيث ظهر منهما التوقف
في الوجوب ، بل حكما بعدمه مع البناء على الأول ، حتى قال : إنه إحداث قول ثالث
ولا وجه له.
قلت : لعل وجهه هو
إلحاق أحكامه بعد الموت بأحكامه في الآخرة ، إذ لا إشكال في كونه كالكافر بالنسبة
إليها وان حكم بإسلامه وأجري عليه جميع أحكام الإسلام من الطهارة واحترام ما له
ونفسه وغير ذلك في الدنيا ، ولا تلازم بينهما ، أو ان وجهه الشك في عمومات تشمل كل
مسلم ، فالأصل البراءة ، بل قد يظهر من ملاحظة جملة منها إرادة المؤمن لا أقل من
عدم انصراف الإطلاق إليه ، سيما بعد ما ظهر من بعض الأخبار [١] ان التغسيل
احترام للميت وتكرمة له ، ولا يصلح له إلا المؤمن.
ومن ذلك كله ظهر
لك ما يمكن الاستدلال به الثاني ، ولا ريب في ضعفه
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٨ ـ من أبواب غسل الميت ـ حديث ١.