والظاهر عدم
كراهيته ، وأما استحبابه ففيه نظر ، ولا تلازم بين استحباب التعزية والجلوس لها
كما أنه لا دلالة في أخبار المأتم عليه ، لكونه معدا لاجتماع النساء ، هذا.
وقد تعارف في
بلادنا المشهد الغروي على مشرفه أفضل السلام الجلوس لذلك وصرف القهوة والتتن وبذل
الطعام بالنسبة إلى بعض الناس ، وآخر ببذل بعضه كل على مرتبته ، حتى صار تاركه
معرضا نفسه للاغتياب ، وأشد منه الجالس التارك لبذل تلك الأمور إذا كان ممن يرجى
منه ذلك ، وقد يصل إلى هتك الحرمة ، وربما انتهى إلى بذل مال خطير إذا كان الميت
والمعزى شريفين عظيمين ، ولا بأس به الآن ، بل قد يجب لما عرفته من هتك عرض المعزى
والمتوفى بتركه.
نعم ربما كان أصله
مرجوحا كما عساه يومي إليه قول الصادق عليهالسلام[١] : « الأكل عند أهل المصيبة من عمل الجاهلية » وغيره [٢] مما يفيد عدم
التكلف لأهل المصيبة لما هم فيه من الشغل ، فتأمل جيدا.
ثم إن ظاهر الأدلة
عدم الفرق في استحباب التعزية بين سائر أهل المصاب ذكورهم وإناثهم صغارهم وكبارهم
، بل ربما كانت الأنثى أرجح لما هي فيه من شدة الحزن والاكتئاب ، كما يومي إليه
خبر الثكلى المتقدم ، وتعزية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عيال جعفر ، وإن كان كيفية تعزية كل منهم يختلف بحسب حاله
مما يسليه ويناسبه ، فالصغير يمسح رأسه ونحوه ، وغيره بغيره ، ففي الخبر عن سيد البشر صلىاللهعليهوآلهوسلم[٣] « إن من مسح على
رأس يتيم ترحما له كتب الله له بعدد كل شعرة مرت عليها يده حسنة » وعن العالم عليهالسلام[٤] « إذا بكى اليتيم
اهتز له العرش ، فيقول الله تبارك
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٦٧ ـ من أبواب الدفن ـ حديث ٦.