ثم إن الظاهر من
تقييد الكفن بالواجب كما في التذكرة خروج المندوب عنه إلا برضا الوارث ، وبه صرح
في المعتبر وجامع المقاصد ، بل في أولهما أنه لو كان هناك دين مستوعب منع من الندب
، وإن كنا لا نبيع ثياب التجمل للمفلس لحاجته إلى التجمل بخلاف الميت فإنه أحوج
إلى براءة ذمته ، ولو أوصى بالندب فهو من الثلث إلا مع الإجازة. قلت : والظاهر أن
مرادهم بالندب ما يشمل الزيادات المستحبة في القطع الواجبة ، ولكن قد تقدم سابقا
لنا بحث في ذلك ، ولعله يتأتى في المستحب الصرف أيضا كالحبرة ، بناء على أن ذلك من
المستحبات المالية مخاطب به الولي مثلا ، فيتبع اختياره من غير نظر إلى غيره من
الوراث صغارا كانوا أم كبارا ، فيكون من قبيل استحباب خروج الزكاة من مال الطفل ،
ويؤيده إطلاق ما دل على أن الكفن من صلب المال من غير تخصيص له بالواجب والمندوب ،
فالواجب منه واجب ، والمندوب منه مندوب ، بل لعل حق الدين أيضا لا يزاحم ذلك ، لما
دل على تعلق الدين بعده ، نعم لو كان المخاطب بالندب نفس الوارث كان اعتبار رضاه
متجها ، فتأمل جيدا ، ولو أوصى بعدم الندب احتمل إلغاء ذلك ونفوذه ، ولعل التفصيل
بملاحظة المصلحة إما رفقا بالورثة أو حصول الغضاضة عليه بتبرع متبرع فتنفذ ، وإلا
فلا ـ لا يخلو من قوة.
( فان لم يكن له
كفن دفن ) جوازا ( عاريا ، ولا يجب على ) أحد من المسلمين بذل كفنه كما صرح به
جماعة من الأصحاب ، بل نسبه في جامع المقاصد إلى كثير منهم ، بل في المدارك أنه لا
خلاف فيه بين العلماء ، كما استظهر نفيه أيضا في الذخيرة وأرسل بعضهم عن نهاية
الأحكام الإجماع عليه ، بل يستحب اتفاقا كما في كشف اللثام ، ولا خلاف فيه كما في
المدارك ، واستظهره أيضا في الذخيرة ، كما أنه أرسل عن نهاية الأحكام الإجماع عليه
، ويدل عليه أيضا قول أبي جعفر عليهالسلام في صحيح سعد بن طريف [١] قال : « من كفن مؤمنا كان كمن ضمن كسوته إلى يوم القيامة »
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٦ ـ من أبواب التكفين ـ حديث ١.