إباحة الميتة
للمضطر منصوص [١] عليها ، وجواز الأكل من مال الغير بغير إذنه يؤخذ من
الاجتهاد ، وبأن الميتة يتعلق بها حق واحد لله تعالى ، ومال الغير يتعلق به الحقان
واشتغال الذمة ، إلا أن الجميع كما ترى.
والاولى الاستدلال
بصدق الاضطرار بعد إطلاق الأدلة وعمومها بحرمة التصرف في مال الغير بغير إذنه ،
والممنوع شرعا كالممنوع عقلا ، فيتحقق الاضطرار الذي هو عنوان الرخصة.
ومنه يعلم وجه ضعف
احتمال أكل الطعام لصدق القدرة على طعام حلال العين ، فأشبه ما إذا كان المالك
حاضرا وبذله ، والتصرف في مال الغير منجبر بثبوت عوضه في الذمة.
وأضعف منه احتمال
تخييره بين الأمرين لتعارض الحقين ، نعم يتجه ـ بناء على ما ذكرنا ـ ذلك في الحاضر
إذا لم يبذل لعموم « الناس مسلطون على أموالهم » [٢] من غير فرق بين كونه قويا أو ضعيفا.
(
و ) حينئذ فالقول بأنه ( إن كان صاحب الطعام
ضعيفا لا يمنع أكل الطعام ، وضمنه ، ولم تحل الميتة ) لا يخلو من نظر.
ودعوى الفرق بينه
وبين الغائب ـ بأن الغائب غير مخاطب بدفعه إلى المضطر ، وماله باق على أصل احترامه
، بخلاف الحاضر ، فإنه مأمور شرعا بدفعه ، فإذا امتنع جاز أخذه قهرا موافقة لأمر
الشارع ، ولم يكن بسبب ذلك مضطرا إلى الميتة ـ واضحة الفساد.
ولعله لذا قال
المصنف ( وفيه
تردد ) وإن كان أولى من
ذلك الجزم بالعدم ، خصوصا بعد الجزم بالحكم في الغائب ، والله العالم.
(
وإذا لم يجد المضطر إلا الآدمي ميتا حل له إمساك الرمق من
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٥٦ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة.