الأول ـ بمعنى أنه
أضرب ليستدرك ، فذكر أنه ليس عليه إلا ذلك ، فأعاد الأول ولم يستدرك ـ احتمالا
مساويا لإرادة درهم آخر غير الأول.
لكن في قواعد
الفاضل احتمال لزوم الاثنين ، بل كأنه مال إليه الكركي في جامعه ، بل في الإيضاح
هو الأصح ، لأن « بل » للاستدراك والإنكار والاعتراف ، وتواردهما على محل واحد
محال ، فتعين التغاير ، والإنكار لا يقبل.
ومحصله أن شرط صحة
استعمال « بل » مغايرة ما قبلها لما بعدها ، فكما لا يصح أن يقال : « جاء رجل بل
رجل » إلا بتأويل أن أحد الرجلين غير الآخر فكذا لا يصح « له درهم بل درهم » إلا
بتأويل أن الأول غير الآخر ، وإلا كان الإضراب لاغيا.
وفيه منع تعين
التأويل المزبور على وجه يترتب عليه الحكم بالإقرار بهما ، لإمكان التأويل الذي
ذكرناه وإن خرجت به عن الإضراب ، والأصل براءة الذمة ، بل ولو مع التزام غلطية هذا
الاستعمال.
ولو كان أحدهما
معينا والآخر مطلقا فان اتحدا قدرا ووصفا حمل المطلق على المعين ، سواء تقدم أو
تأخر ، كما لو قال : « له درهم بل هذا الدرهم » أو « هذا الدرهم بل درهم » وإنما
جمع بينهما لصدق المغايرة مع عدم المنافاة ، إذ يصح أن يقال : « له درهم » يحتمل
كونه هذا وغيره ، بل هو هذا الدرهم لكن يتعين الوصف الزائد في أحدهما ، وهو
المتعين ، فتعين المعين.
وإن اختلفا وكان
المعين هو الأقل تعين إكمال المقربة بالمعين لزوما وبغيره تخييرا ، كما إذا قال :
« له هذا القفيز بل قفيزان » فيلزمه المعين مع أحد ما شاء منهما ، ولو عكس فقال :
« له قفيزان بل هذا القفيز » ففي المسالك « دخل المطلق ولم يتغير حكم الأكثر »
وفيه منع التفاوت بينهما بل قد يقال بعدم دخول المطلق في جميع الصور ، فيلزم
بالمعين وبغيره مما هو مصداق للمطلق ، بل يمكن دعوى ظهور اللفظ في ذلك ، مضافا إلى
قاعدة الإضراب وغيرها ، بل لعل هذا أولى مما سمعته من الإيضاح في المطلقين.