فالعمدة حينئذ في
الإشكال عدم ظهور العبارة المزبورة في إرادة الإقرار على الوجه المزبور ، بل لعل
الظاهر منها خلاف ذلك ، ولا أقل من الشك والأصل براءة الذمة ، خصوصا بعد ما في
مجمع البرهان من احتمال أن القائل المزبور لم يعرف صحة ما ادعى عليه وعدمها ،
فيقول : أنا أعرف صدق هذا الشخص ، فان شهد فهو صادق وإن أعطى المدعى لإمكان لزومه
لي حينئذ من غير شعور لي بسبب جناية من غير اختيار أو استقراض وكيلي أو نحو ذلك ،
واحتمال كون المراد ثبوت ذلك في ذمته قبل شهادته ، ولم يكن حين الإقرار ، فيكون
الشهادة بعد ذلك صدقا وحقا ، فلا يدل على ثبوت الحق قبل الإقرار ، بل قبل الشهادة
، فإن الصدق يستدعي ثبوت ما يشهد به قبلها لا قبل الإقرار ، ويكون إقراره بالصدق
حينئذ لمعرفته بصدقه بعدها لا لعلمه بوقوع المخبر به في نفس الأمر ، نحو ما يقول
من لا يعلم بشيء في ذمته : « إنه لو قال المعصوم بأن ذمتك مشغولة فهو صادق » وليس
هذا إقرارا بالعلم بما يقوله قبل قوله ، بل لا علم له بذلك إلا من قوله ، فلو لم
يقل لم يلزمه القول به ، ولا قبله على تقدير القول.
ولعله لذا قال
الفاضل في المحكي عن تذكرته بعد أن بالغ في ترجيح ما سمعته من الشيخ : « حتى لو
قال زيد الذي علق الصدق على شهادته : لا أشهد وأن المدعى كاذب أو أني أشهد ببراءته
، والأقرب أنه إن ادعى عدم علمه بما قال وأن المقر له لا يستحق في ذمته شيئا وأنه
توهم أن فلانا لا يشهد فان كان مما يخفى عليه ذلك قبل قوله ، وحمل على التعليق ،
وكان لغوا » وإلى ذلك أشار فخر الإسلام فيما حكاه عن والده « أن المقر إن كان
عارفا بهذه الملازمة العقلية لزمه الإقرار وإلا فلا ـ ثم قال ـ : وهو الأصح عندي
».
قلت : لا يخفى
عليك مقامات هذه العبارة ، فقد تصدر ممن يريد الالتزام بالحق والاعتراف به ، فيقول
: إن شهد على ذلك فهو صادق ، أي لأن الواقع كما