عن النساء أن لا
ينحن ولا يخمشن ولا يقعدن مع الرجال في الخلاء » وغير ذلك مما يمكن حمله على
الكراهة ، بل لعل المنساق منها ذلك ، فان اللسان لسانها ، ولا شهرة محققة للأصحاب.
نعم في القواعد «
إن كانت المطلقة بائنة منع من السكنى معها إلا أن يكون معها من الثقات من يحتشمه
الزوج » وفي الوسائل عقد لحرمة ذلك بابا ذكر فيه النصوص المذكورة ، وفي المسالك «
هذه المسألة من المهمات ولم يذكرها الأصحاب في باب النكاح ، وأشاروا إليها في هذا
الباب ».
قلت : يمكن أن
يكون ذلك لعدم الحرمة عندهم ، ولعل ذلك للعامة كما يومئ إليه ما ذكره فيها من فروع
المسألة ، قال : « والمعتبر من الخلوة المحرمة أن لا يكون معهما ثالث من ذكر أو
أنثى بحيث يحتشم جانبه ولو زوجة أخرى أو جارية أو محرم له ، وألحق بعضهم بخلوة
الرجل بالمرأة خلوة الاثنين فصاعدا بها ، دون خلوة الواحد بنسوة ، وفرقوا بين
الأمرين بأن استحياء المرأة من المرأة أكثر من استحياء الرجل من الرجل ، ولا يخلو
ذلك من نظر ـ ثم قال ـ : وحيث يحرم عليه مسكنها والخلوة بها يزول التحريم بسكنى كل
واحد منهما في بيت في الدار الواحدة بشرط تعدد المرافق ، فلو كانت مرافق حجرتها
كالمطبخ والمستراح والبئر والمرقى إلى السطح متحدة في الدار لم يجز بدون الثالث ،
لأن التوارد على المرافق يفضي إلى الخلوة ، وحكم السفل والعلو حكم الدار والحجرة ،
ولو كان البيت متحدا لكنه واسع فبنى حائلا جاز إن كان ما يبقى لها سكنى مثلها ، ثم
إن جعل باب ما يسكنه خارجا عن مسكنها لم يفتقر إلى ثالث ، وإن جعله في مسكنها لم
يجز إلا به ، لإفضائه إلى الخلوة بها وقت المرور ».
ولا يخفى عليك ما
في ذلك من عدم الانطباق على أصولنا بعد فرض عدم دليل صالح لتفريع ذلك ونحوه عليه ،
كما هو واضح ، ومن الغريب اعتماد بعض الناس هنا على الحرمة بدعوى ظهور عبارة
المسالك فيه بقوله : « أشاروا » إلى آخره.
وأغرب منه ما يحكى
عن بعض من قارب عصرنا من دعوى الإجماع على ذلك