مخالفة لغسل
الجنابة لوجب في كل مقام أمر فيه بالغسل كالحيض وغيره من الواجب والمندوب الاستفصال
عنه انه كغسل الميت أو غسل الجنابة ، بل يظهر منهم في بحث تداخل الأغسال بداهة
اتحاد الهيئة في جميع الأغسال ، على انه من المستبعد جدا بل قد يقطع بعدمه انه لا
ترتيب بين الجانبين ، ومع ذلك قد خفي على الشيعة علمائهم وأعوامهم في جميع الأعصار
والأمصار مع تكرر الغسل منهم في كل آن ، وقد يشعر به أيضا حسنة زرارة [١] قال : « قلت له
كيف يغتسل الجنب؟ قال : ان لم يكن أصاب كفه شيء غمسها في الماء ، ثم بدأ بفرجه
فأنقاه ، ثم صب على رأسه ثلاث أكف ، ثم صب على منكبه الأيمن مرتين ، وعلى منكبه
الأيسر مرتين ، فما جرى عليه الماء فقد أجزأه » ولعل إضمارها غير قادح كما عرفت
غير مرة ، على انه رواها في المعتبر عنه عن أبي عبد الله عليهالسلام ، ووجه دلالتها
على المطلوب انه يستفاد منها كون الجسد في الغسل ثلاثة أجزاء ، الرأس والمنكب
الأيمن والمنكب الأيسر ، ولا أحد ممن يقول بذلك إلا وهو قائل بالترتيب ، إذ القائل
بعدمه يدعي انه جزءان ، الرأس والجسد ، أو يقال : ان المنساق الى الذهن من هذه
العبارة مع قطع النظر عن قاعدة الواو الترتيب كما لا يخفى ، هذا كله ان لم نقل ان
الواو للترتيب ، وإلا فلا إشكال كما هو المنقول عن جماعة من اللغويين ، ولئن سلمنا
كونها حقيقة في مطلق الجمع فما سمعت من الإجماعات وغيرها قرينة على إرادة الترتيب
منها هنا ولو مجازا ، بل يمكن الاستدلال عليه ببعض الروايات العامية [٢] « كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا اغتسل بدأ
بالشق الأيمن ثم الأيسر » ان قلنا بحجية مثل ذلك بعد الانجبار بالشهرة بين
الأصحاب.
وكيف كان فلا
ينبغي الإشكال في وجوب الترتيب ، فما وقع من بعض
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٦ ـ من أبواب الجنابة ـ حديث ٢.
[٢] صحيح البخاري ـ باب
من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل ـ من كتاب الغسل.