تفريع الغسل من
الجنابة أو غيرها يجب على الكافر عند حصول سببه على نحو المسلم كسائر الفروع ، لعموم
ما دل على التكليف بها ، ولا يمنع من ذلك عدم التمكن من الصحيح حال الكفر ، لأن ما
بالاختيار لا ينافي الاختيار ، على ان الأيمان من شرائط الوجود التي يجب على
المكلف تحصيلها ، فلا مانع من التكليف حال عدمها مع التمكن منها ، وخلاف أبي حنيفة
ضعيف كما بين في محله ، على ان ما نحن فيه من الأغسال من قبيل خطابات الوضع التي
يجب مسببها حيث يصل الإنسان إلى قابلية التكليف ، فلا ينبغي الإشكال حينئذ في
وجوبه عليه بعد الإسلام ، وعدم صحة الصلاة بدونه ، وان سلمنا عدم وجوبه عليه حال
الكفر ، فيكون من قبيل وطء الصبي والمجنون ونحوهما ، ولعله لما سمعته لم أجد خلافا
فيما نحن فيه ، بل يظهر من بعضهم دعوى الإجماع عليه ، بل الظاهر تحصيله على الوجوب
حال الكفر فضلا عن حال الإسلام.
لكن لا يصح منه في
حال كفره لعدم التمكن من نية القربة ، ونجاسة محل الغسل ، وللإجماع المنقول على
شرطية الايمان في صحة العبادات ، ومن الأخير يعلم بطلان عبادة المخالف أيضا وان
كانت موافقة لما عند الشيعة ، إذ الظاهر ان المراد بالايمان هو المعنى الأخص ، وهل
يسقط عنه إعادته لو استبصر إذا لم يخل بشيء منه على ما هو عليه من المذهب كغيره
من العبادات عدا الزكاة؟ وجهان ، من عموم ما دل [١] على عدم وجوب
إعادة شيء من عباداته لو استبصر عدا الزكاة ، واحتمال كون الأيمان المتأخر شرطا
ولو متأخرا ، فيكون حينئذ كاشفا عن صحة ما وقع ، سيما إذا كان ما جاء به على مقتضى
مذهبه موافقا لما عند الشيعة ، ومن ان المخالف ليس بأولى من الكافر الأصلي في
التحقيق حتى ورد في حقه ان الإسلام يجب ما قبله ، ومع ذلك
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٣١ ـ من أبواب مقدمة العبادات.