ثم المراد
بالإفضاء على ما صرح به جماعة جعل مسلكي البول والحيض واحدا ، بل هو المشهور نقلا
وتحصيلا ، بل قد يظهر من محكي الخلاف الإجماع عليه ، خلافا لابن سعيد ، فجعله رفع
الحاجز ما بين مدخل الذكر والغائط ، ولعله محتمل القواعد أو ظاهرها ، بل ربما ظهر
من بعضهم أنه أشهر القولين ، ولعل مراده بين العامة ، بل لعله المشهور عندهم لا
عندنا ، فإنه قد صرح غير واحد من أصحابنا باستبعاد وقوعه ، لبعد ما بين المسلكين
وقوته ، بل عن ابن فهد التصريح بعدم ترتب حكم عليه لو وقع ، بل في محكي المبسوط
بعد أن حكاه عن كثير من أهل العلم قال : « وهذا غلط ، لأن ما بينهما حاجز عريض قوى
» ثم الفقهاء فرعوا على الإفضاء إذا كان البول مستمسكا أو غير مستمسك ، وهو إنما
يصح على ما قلناه ، وفي محكي السرائر بعد أن حكاه عن توهم كثير من الناس قال : «
وهذا غلط عظيم ».
قلت : لكن صرح
العلامة في التحرير والمختلف والقواعد بوجوب الدية في كل منهما ، وتبعه على ذلك
ولده والسيوري ، معللين له بصدق اسم الإفضاء على كل منهما حقيقة ، وبعد وقوع
الثاني لا ينافي التسمية عرفا ، وكذا الفاضل الهندي ، قال : « هو صيرورة مسلك
البول والحيض واحدا كما هو الغالب المشهور في تفسيره ، أو مسالك الحيض والغائط
واحدا على رأي فإنه أيضا ممكن داخل في مفهوم لفظ الإفضاء ، فإنه الإيصال » بل ظاهر
المسالك والروضة ذلك أيضا هذا. وفي المتن فيما يأتي « وأما الإفضاء فهو تصيير
المسلكين واحدا » وفي النافع هو أن يصير المسلكين واحدا وقيل أن يخرق الحاجز بين
مجرى البول والحيض ، وفي الصحاح والقاموس « أفضي المرأة جعل مسلكيها مسلكا واحدا »
وفي مجمع البحرين « يعنى مسلك البول والغائط » وعن الآبي في كشف الرموز تفسير
عبارة النافع بذلك أيضا ، ولعلهما أخذاه من تبادرهما من هذا اللفظ عند الإطلاق ،
وعليه يكون قولا آخر في المسألة ، ومقتضاه حينئذ كون الإفضاء برفع الحاجزين معا ،
فإن صيرورة مسلك البول والغائط واحدا لا يتم إلا برفع الحاجز بين مسلك البول
والحيض ، ومسلك