وقيل : والقائل
الشيخ فيما حكى عنه والفاضل في محكي مختلفة هي جعالة فلا تفتقر إلى قبول ، ويكفي
البذل كما يكفي فيها قول من رد عبدي فله درهم ونحوه ، وعلى الأول : فهو لازم
كالإجارة لعموم [١]( أَوْفُوا ) و [٢] « والمؤمنون » والأصل وعلى الثاني : هو جائز ، شرع فيه أو
لم يشرع كالجعالة وإن كان التحقيق خروجه عنهما معا ، ضرورة انتفاء جملة من خواص كل
منهما فيه ، منها ـ العوض ، فإن الظاهر عدم اعتباره فيه ، لإطلاق الأدلة وعمومها ،
بل وقد وقع من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بدونه.
قال الصادق عليهالسلام في خبر طلحة بن
زيد [٣] « أغار المشركون على سرح المدينة ، فنادى فيها مناديا سوء صباحاه فسمعها رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فركب فرسه في طلب العدو وكان أول أصحابه ولحقه أبو قتادة على فرس له ، وكان
تحت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سرج دفتاه من ليف ليس فيه أشر وبطر ، فطلب العدو فلم يلقوا
أحدا ، وتتابعت الخيل. قال : أبو قتادة : يا رسول الله إن العدو قد انصرف ، فإن
رأيت أن نستبق فقال : نعم فاستبقوا فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سابقا ثم أقبل عليهم فقال : أن ابن العواتك من قريش إنه
لهو الجواد البحر » ومنها عدم معلومية السابق ، ومنها عدم رجوع العمل للجاعل إلى
غير ذلك مما يظهر بأدنى تأمل ، على وجه يقطع بخروج هذا العقد عنهما ، وكونه عقدا
برأسه ، وثاني الشهيدين وإن ذكر ذلك هنا احتمالا لكنه جزم بعد ذلك بخروجه عنهما ،
كالمحقق الثاني وعليه فرع جملة من الأحكام الخارجة عنهما محتجا عليه بأنه عقد
برأسه ، بل لعل الأصحاب أجمع كذلك ، وإن وقع من بعضهم كونه إجارة أو جعالة ، إلا
أن مرادهم كالأول في اللزوم ، والاحتياج إلى القبول ، وكالثاني في الجواز ، وعدم
الاحتياج إلى القبول العقدي ، لا أن المراد كونه فردا منهما ، ولذا جعلوا له كتابا
مستقلا على نحو غيره من العقود ، وأثبتوا له أحكاما لا توافق شيئا من العقدين كما
هو واضح.
وعلى كل حال
فالدليل على عقديته ذكر الأصحاب له في نظمها ، بل ظاهر المصنف في النافع ، والفاضل
في المختلف بل وغيرهما المفروغية من ذلك ، وان التردد إنما هو في اللزوم والجواز ،
وإن كان ظاهره هنا تفريغ لزومه وجوازه على عقديته وعدمه ، لكنه في غير محله ،