ولو قال المالك
للخياط مثلا : ان كان يكفيني قميصا فاقطعه فقطعه ، فلم يكف ضمن ، ولو قال هل يكفي
قميصا؟ فقال : نعم ، فقال : اقطعه فلم يكفه لم يضمن ، كما في القواعد وغيرها لعدم
الإذن في الأول بخلافه في الثاني ، وإن كان صدوره منه اعتمادا على قول الخياط ،
لكنه من الدواعي.
وعن أبي ثور
الضمان بذلك ، لقاعدة الغرور ، وفي جريانها هنا نظر واضح ، بل يتوقف في الضمان في
الصورة الأولى التي يمكن القول فيها بأن مدار الإذن على الاجتهاد في ذلك ، والفرض
أنه قد غلب على ظنه ذلك ، فهو في الحقيقة مأذون ، والأصل براءة الذمة ، فتأمل جيدا
والله العالم.
ولو أتلف الصانع
الثوب بعد عمله تخير المالك في تضمينه إياه ، غير معمول ولا أجر عليه ، وفي تضمينه
إياه معمولا ويدفع اليه أجره معاملة للعمل معاملة المبيع قبل قبضه إذا أتلفه
البائع ، فلا يتوجه دعوى الانفساخ قهرا وتضمينه الثوب غير معمول ، لأنه إنما يتم
بالتلف بآفة سماوية ، لا في الإتلاف.
كل ذلك بناء على
اعتبار تسلم العمل بتسلم العين في المعاوضة ، أما على القول بالاكتفاء بإيجابه في
عين المالك ، وإن لم يتسلمه المالك ، اتجه حينئذ ضمانه معمولا في الفرض ، ضرورة
كونه من صفات مال المالك ، كما أنه يتجه حينئذ المطالبة بالأجرة مع فرض التلف بآفة
سماوية ، فتأمل.
ولو فرض نقصان
قيمة الثوب عن الغزل كان له قيمة الثوب ، للإذن في النقص ، ولا أجرة للعمل ، لعدم
تسليمه.
وما عساه يقال :
من أنه مع فرض ثبوت الخيار له في ذلك الذي هو المراد في المسألة السابقة ، يمكن
حينئذ دعوى أن له الفسخ لعدم حصول المعاوضة ، والمطالبة بقيمة الغزل التي ليس له
غيرها مع فرض التلف بآفة سماوية ، يدفعه أنه حيث لا يكون لعمل الأجير أثر في زيادة
القيمة ، والفرض أنه أتلفه قبل القبض ، فليس له المطالبة بالأجرة ، وليس للمالك
مطالبة الأجير بشيء عنه وإن أورث نقصا ، لأنه بإذنه ،