لكن في المسالك
بعد أن فرض المسألة على تقدير القول بجواز التقبيل قال : « والوجه حينئذ أنه مال
الغير ولا يصح تسليمه إلى غير من استأمنه عليه ، وجواز إجارته لا تنافي ، بل
يستأذن المالك ، فإن امتنع أي المالك رفع الأجير أمره إلى الحاكم ، فإن تعذر احتمل
جواز التسليم حينئذ لتعارض حق العامل الثاني وحق المالك ، فيقدم العامل ، وفاء
بالعقد ويحتمل تسلطه على الفسخ لا غير ، لأن المالك مسلط على ماله يعطيه من شاء ،
ويمنعه من شاء ، والحال أنه لم يرض بأمانته.
ولو قيل بجواز
التسليم مطلقا حيث يجوز التقبيل كان حسنا لصحيحة على بن جعفر [١]عليهالسلام عن أخيه موسى عليهالسلام في عدم ضمان
الدابة المستأجرة بالتسليم إلى الغير إذا لم يشترط عليه ركوبها بنفسه.
وإذا كان الضمان
ساقطا مع تسليمها لاستيفاء المنفعة لغير المالك ، فسقوطه مع كون المنفعة للمالك
أولى ، وإليه مال في المختلف ، وابن الجنيد جوز التسليم من غير ضمان مع كون
المتسلم مأمونا ، ولكن ينبغي تقييده بكون المدفوع إليه ثقة وإلا فالمنع أوجه ».
قلت : قد سلف لنا
في جواز تسليم العين ما يستفاد منه المنع هنا أيضا ، وأن جواز التقبيل أعم من ذلك
، ضرورة إمكان عمل الغير فيه ، وهو في يده وليس له على المالك الإذن ، حتى يرفع
أمره إلى الحاكم ، كما أنه ليس له الفسخ من هذه الجهة.
وصحيح على بن جعفر
ـ عن أخيه عليهالسلام[٢] الذي هو « سألته عن رجل استأجر دابة ، فأعطاها غيره فنفقت ما عليه؟ قال : إن
كان شرط أن لا يركبها غيره فهو ضامن لها ، وإن لم يسم فليس عليه شيء » ـ لا صراحة
فيه بل ولا ظهور في خروج العين عن يد المستأجر الأول ، وإنما المراد ، السؤال عن
تلفها حال ركوب الغير لها ، وإن كانت هي في يد الأول ، ولا ريب في أن الحكم فيها
ما ذكره عليهالسلام كما أوضحنا
[١] الوسائل الباب ـ
١٦ ـ من أبواب أحكام الإجارة الحديث ـ ١.
[٢] الوسائل الباب ـ
١٦ ـ من أبواب أحكام الإجارة الحديث ـ ١.