المنفعة بعوض في تمليكها
بغير عوض ، ويكون عقدا فاسدا ، أو غير ذلك مما هو محتمل.
وأصل الصحة وإن
نفى احتمال إرادة الفاسد ، لكن الصحيح غير منحصر في العارية ، ومع فرضه وقلنا
بالحمل عليها للأصل المزبور لا يحمل عليه كلام الشهيد ، ضرورة إرادته الاستثناء من
كلية الأصحاب المزبورة ، ولا يتم إلا بجعله عقد إجارة فاسد ، لا عارية ، كما هو
واضح.
نعم ربما نوقش
الشهيد والكركي بأنه لا وجه لمساواة عدم ذكر الأجرة ذكر الأجرة في الحكم المزبور ،
ضرورة عدم دلالة ذلك على التبرع بالمنفعة ، إذ قد يكون لنسيان أو لجهل أو اعتقاد
أنه مقرر ، أو أنه معلوم أنه مع الإطلاق ينصرف إلى العرف.
ومن هنا استجود في
الرياض كلام الشهيد في الشق الأول مطلقا ، دون الثاني كذلك ، وهو جيد لو كان
المراد بعدم الأجرة ذلك ، أو ما يشمله ، لا أن المراد به هو المراد من ذكر عدم
الأجرة ، إلا أن الفرق بينهما بالتصريح بذلك وعدمه ، إذ لا ريب في ظهور آجرتك في
إرادة العوض وإن لم يذكره بالخصوص ، فلا وجه لسقوطه لاقدام كل منهما حينئذ عليه ،
والأمر في ذلك سهل.
إنما الكلام في
صحة أصل ما ذكره الشهيد ، مع أن إطلاق كلام الأصحاب يقتضي خلافه في المقام ، وفي
البيع وغيرهما ، ضرورة اتحاد البحث هنا ، مع قول بعتك بلا ثمن أيضا أو بعتك بلا
ذكر ثمن ، بل كلامهم صريح في ثبوت أجرة المثل في المسألة السابقة المشترط فيها عدم
الأجرة ، إذا لم يصل في الزمن المعين.
ولعل الوجه فيه ـ بعد
ذكر فرض شمول كلام الأصحاب لمثله لا أنه خارج عنه باعتبار دخول العوض في مفهوم
البيع والإجارة ، ومع انتفائه لا يكون بيعا ولا إجارة كي يندرج في كلية المقام
ونحوها المبنية على صدق الإجارة ، إلا أنها باطلة ، إذ قد يقال ـ بعد تسليم عدم
صدق اسم الإجارة : ـ إن المدار في كلامهم على العقد الفاسد المراد به إجارة مثلا ،
ولو من حيث تمليك المنفعة خاصة ، إما للجهل بموضوع الإجارة ، أو تشريعا أو ايداعا
أو نحو ذلك ، أن كل مدفوع بعنوان مقتضى العقد