نعم في المسالك «
إنما يتم ذلك ، أي تخيير العامل إذا كان البذر من عنده أما لو كان من عند صاحب
الأرض فالتخيير إليه بطريق أولى ، لا إلى المزارع » وفيه : أنه لا منافاة بينهما
بعد فرض ظهور الإطلاق في ذلك ، وأنه المخاطب المأمور بالزرع.
وعلى كل حال
فالتخيير مع الإطلاق لصلاحية كل فرد من الأفراد التي ينصرف إليها الإطلاق لوجوده
في ضمنه ، وأصرح من ذلك التعميم ، لكن عن التذكرة أنه قوى وجوب التعيين مع الإطلاق
، لتفاوت ضرر الأرض باختلاف جنس المزروعات ، فيلزم من تركه الغرر بخلاف العموم
الدال على الرضا بالأضر ، ورده في المسالك بأن المالك معه راض بذلك أيضا من حيث
دخوله تحت الإطلاق المفروض رضاه به.
قال : « وربما فرق
بينهما بأن الإطلاق إنما يقتضي تجويز القدر المشترك بين الافراد ، ولا يلزم من
الرضا بالقدر المشترك الرضى بالأشد ضررا من غيره ، إذ ليس في اللفظ إشعار بذلك
الوجه ، ولا دلالة على الاذن فيه والرضي بزيادة ضرره ، إذ الرضا بالقدر المشترك
إنما يستلزم الرضا بمقدار الضرر المشترك بين الكل ، لا على الرضا بالزائد ، فلا
يتناول المتوسط ولا الأشد ، بخلاف العام الدال على الرضا بكل فرد فرد ».
ورده في المسالك
أيضا بما حاصله أن القدر المشترك المعنى المصدري أو نفس الحقيقة ، لا اللوازم
اللاحقة لها ، وهو مسألتنا الزرع الحاصل بكل فرد من أفراد المزروعات ، لأنها
مشتركة في هذا المعنى ، وإن لم تشترك في الضرر وغيره ، سواء قلنا إن المطلق هو
الدال على الماهية بلا قيد ، أو النكرة بلا صلاحية لكل فرد ، وعلى الثاني ظاهرة
وإن اختلفت في القوة والضعف ، بل وعلى الأول ، ولهذا حكموا بأن الأمر بالضرب مثلا
يتحقق امتثاله بكل جزئي من جزئياته ، كالضرب بالعصى والسوط ضعيفا وقويا ومتوسطا
حتى قيل إن الأمر به أمر بكل جزئي أو اذن في كل جزئي.
قلت : لا ريب في
عدم دلالة المطلق على إرادة الأفراد ، بل قد يحضر في الذهن ويكون عنوانا ولا يحضر
شيء منها فيه ، والرضا به حينئذ ليس رضا بها على اختلافها