انما الكلام في
استحقاق التسليم على أحدهما أولا وعدمه ، وقد تقدم في كتاب البيع تحقيق الحال في
ذلك. وأنه يجب على كل منهما التسليم للأمر بالوفاء وغيره ، فإذا تعاسرا أجبرا معا
على التقابض.
أما لو بذل أحدهما
وامتنع الآخر ولم يمكن جبره كان للباذل الحبس حتى يدفع اليه العوض ، قضاء لحق
المعاوضة التي بني العقد عليها ، كما أشبعنا الكلام فيه سابقا ، ولا فرق بينه وبين
المقام الذي هو أحد المعاوضات.
نعم قد يشكل الحال
في خصوص الإجارة على الأعمال منه ، باعتبار عدم تصور التقابض فيه ، لكون العمل
تدريجيا ، والظاهر الإجماع على عدم استحقاق الأجير تسلم الأجرة قبل العمل ما لم
يشترط ، أو تكون عادة على وجه تقوم مقام الاشتراط ، بل عن بعضهم دعواه عليه ، فضلا
عن نفي الخلاف من آخر ، لما فيه من منافاة مقتضى المعاوضة ، والضرر على المستأجر ،
وغير ذلك مما يعلم منه انتفاء احتمال وجوب ذلك ، تمسكا بمقتضى الملكية التي فرض
حصولها بالعقد.
وبأنه مقتضى الأمر
بالوفاء ، الظاهر في أن كل شيء بحسب حاله بالنسبة الى ذلك ، ضرورة أنك قد عرفت
تحكيم مقتضى المعاوضة ، وبناؤها على مقتضى الملكية المزبورة ، والأمر بالوفاء إنما
هو بكل عقد على حسب مقتضاه ، وقد فرض اقتضاؤه ما عرفت.
ولعله للإجماع
المزبور ، ونحوه يفرق بين المقام وبين البيع لو كان الثمن عملا ، الذي قد سلف منا
هناك وجوب تسلم المبيع على البائع قبل العمل على تأمل فيه ، فلاحظ وتدبر.
كما أنه لا خلاف
ولا إشكال في استحقاق تسلمها بعد العمل الذي يحصل تسلمه بإكماله ، كالصوم والصلاة
والحج والزيارة ونحوها ، بل الإجماع بقسميه عليه ، فضلا عن النصوص والتي منها الصحيح [١] « لا يجف عرقه
حتى تعطيه أجرته » بل
[١] الوسائل الباب ـ
٤ ـ من أبواب أحكام الإجارة الحديث ١ ـ ٢.