وحينئذ فلا بد لعارية
المنحة من دليل ، وليس إلا الإجماع إن تم ، إذ لم نجد في شيء من نصوصنا الدالة
عليها.
نعم في التذكرة
الاستدلال عليها بما عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم[١] « العارية مؤداة ، والمنحة مردودة ، والدين يقضى ، والغريم
غارم » وهو مع أنه من طرق العامة لا دلالة فيه الا على مشروعية المنحة التي يمكن
استفادتها من السيرة المستقيمة أيضا ، وهو لا يقتضي كونها عارية ، بل لعله ضرب من
الإباحة ، بل لعل الخبر المزبور ظاهر في كونها ليست من العارية ، وأغرب من ذلك
الاستدلال عليه بحسن الحلبي عن الصادق عليهالسلام[٢] « في الرجل يكون له الغنم يعطيها بضريبة سنة شيئا معلوما
أو دراهم معلومة من كل شاة كذا وكذا قال : لا بأس بالدراهم ولست أحب أن يكون
بالسمن » وصحيح ابن سنان [٣] « سأله أيضا عن رجل دفع الى رجل غنمه بسمن ودراهم معلومة ،
لكل شاة كذا وكذا في كل شهر ، قال : لا بأس بالدراهم وأما السمن فما أحب ذلك الا
أن تكون حوالب فلا بأس بذلك » بتقريب أنه إذا جاز مع العوض فبدونه أولى ، إذ هو
كما ترى لا يقتضي الجوار عارية ، كما أن جوازه مع العوض إما لكونه قسما من الصلح ،
أو أن ذلك بخصوصه مشروع.
وعلى كل حال فلا
دليل سوى الإجماع المدعي إن تم ، وظني أنه مأخوذ من معلومية مشروعية المنحة من
الفتاوى والسيرة المستمرة لكنه كما عرفت لا يقتضي الجواز عارية ، ولعله قسم من
الإباحة ، وحينئذ يتجه التعدي إلى غير الشاة ، كما هو المتعارف في هذا الزمان في
البقر ، وإلى غير اللبن كالصوف والشعر والوبر ، أما على العارية فلا وجه للتعدي
المزبور مع مخالفته للضابط السابق ، كما لا يتعدى من جوازه عارية إلى جوازه إجارة
، بعد اتحادها مع العارية في الضابط السابق ، وربما تختص الإجارة بالجواز للرضاع
في الإنسان بخلاف العارية ، فلا يجوز استعارة الأمة له حينئذ ، وإن جاز استيجارها
، وأغرب من ذلك ما عن الغنية في باب الهبة « ومن