ما فيه ، كما أن
قوله فيها أيضا « ويمكن بناء ما نحن فيه على مسألة أن الغاصب إذا استودع هل يزول
الضمان عنه أم لا » كذلك أيضا ، لما عرفت من عدم انفساخ العقد الأول المقتضي
لبقائها وديعة مضمونة بالسبب الذي اقتضى الضمان ، لا الفسخ ، بل وكذا ما ذكره فيها
أخيرا من أن الأقوى هنا زوال الضمان ، لأن المستودع نائب عن المالك ، بخلاف الرهن
، ضرورة اتحاد الرهن والوديعة من حيث النيابة عن المالك في الحفظ ، فالمتجه حينئذ
ما عرفت ، إلا أن يراد بذلك البراءة من الضمان ، وحينئذ يكون ذلك من القسم الثالث
الذي أشار إليه المصنف بقوله :
( وكذا لو أبرأه
من الضمان ) ولكن فيه إشكال بعدم دليل صالح لقطع أصالة الضمان ، ضرورة عدم ثبوت
مال في الذمة يكون موردا للإبراء فإن المراد من الضمان اشتغال ذمته لو تلفت بالمثل
أو القيمة ، فهو كما لو قال للغاصب أبرأتك من ضمان المال المغصوب في يدك ، ونحوه
مما هو إبراء عما لم يجب بعد.
ودعوى ـ كون المراد
من الإبراء إسقاط الحق الذي هو تأهل الذمة للاشتغال على تقدير التلف ـ يدفعها منع
سقوطه بذلك ، للأصل ، ولظاهر ما دل على سببية الضمان ، الشامل لصورة الإسقاط
السالم عن معارضة ما يقتضي صحة هذا الإسقاط على وجه يترتب عليه السقوط لمثل ما نحن
فيه ، المحتمل كونه كحق التحجير ونحوه والله العالم.
وكيف كان فـ ( لو
اكره على دفعها إلى غير المالك ، دفعها ولا ضمان ) وفاقا للمشهور نقلا إن لم يكن
تحصيلا ، لضعف المباشرة وقوة السبب ، ولأصالة البراءة ، وللضرر بترك التسليم ،
فيباح له شرعا ، ويكون مندرجا في نبوي [١] الرفع ، المقتضي رفع الحكم وضعا وتكليفا إلا ما خرج ،
خلافا للمحكي عن أبى الصلاح ، فأوجب الضمان لكونه متلفا ، إذ الفرض أنه باشر الدفع
بنفسه ، لا أن
[١] الوسائل الباب ـ
٥٦ ـ من أبواب جهاد النفس الحديث ١ ـ ٣.