الجواز ، مضافا
إلى التعليل والمفهوم من الأخبار السابقة الحاكمين على إطلاق غيرها من النصوص الذي
قد عرفت مع ذلك انسياقه إلى إرادة ما يخرج منها ، من غير فرق في ذلك بين كون
الأجرة من جنس ما يزرع فيها ، وغيره.
خلافا لبعض فمنع
منه مع كونها من جنس ما يزرع فيها لصحيح الحلبي [١] عن الصادق عليهالسلام « لا تستأجر
الأرض بالحنطة ثم تزرعها حنطة » وفيه مع عدم وفائه بتمام المدعى ـ أنه يمكن حمله
على إرادة ما إذا كان منها ، بل لعله لا يخلو من إيماء إليه ، أو يحمل النهي فيه
على الكراهة.
لكن في المسالك. «
فيه نظر لأن النهي فيه مطلق ، ولا منافاة بينه وبين تحريم شرطه من طعامها حتى يجمع
بينهما بحمله ، والتحقيق أن المطلق والمقيد متى كانا منفيين لا يلزم الجمع بينهما
، بل يحمل المطلق على إطلاقه ، بخلاف المثبت وبملاحظة ذلك يخرج فساد كثير مما
قررناه في مثل هذا الباب ، وقد مضى مثله في النهي عن بيع الطعام قبل قبضه مع ورود
نص آخر بتحريم بيع المكيل والموزون كذلك ، حيث جمع الأكثر فيهما بحمل المطلق على
المقيد ، وليس بشيء وتحقيق ذلك في الأصول ، مع أنه يمكن حمل الخبر الأول على
الإطلاق كالثاني ، بأن يريد بكونه من طعامها أي من جنسه ، ويؤيده ظهور الكراهة منه
، ولو كان من نفسه لكان اللازم التصريح بالمنع ، فان عدم الخير لا يبلغ حد المنع
فان المباح والمكروه لا يوصف بالخير ولا يفيده ، وبينه وبين الشر واسطة ، وأما
النهي فالأصل فيه التحريم ، فحمله على الكراهة بغير دليل أمر غير حسن ، وقول ابن
البراج بالمنع مطلقا لا يخلو من قوة ، نظرا إلى الرواية الصحيحة إلا أن المشهور
خلاف قوله ».
قلت : فيه ما لا
يخفى عليك ضرورة كون التعارض بينهما بمفهوم الشرط الذي هو بحكم المنطوق ، وقد تقدم
الكلام في مسألة بيع الطعام قبل قبضه ، والجمع بما عرفت أولى مما ذكره من وجوه
أحدها الاعتضاد بالشهرة العظيمة ، وما قد تقدم من تعليل المنع ، وبالحسن المزبور ،
وبغير ذلك مما عرفته على وجه كشف عن إرادة ذلك
[١] الوسائل الباب ـ
١٦ ـ من أبواب أحكام المزارعة الحديث ـ ٣.