وعلى كل حال فـ (
ليس ) هو عندنا فرعا على غيره من العقود وان أفاد فائدته بل في التذكرة وعن
السرائر الإجماع عليه ، وهو الحجة ، مضافا إلى ظهور الأدلة السابقة أو صريحها في
عدم فرعيته بل بعض موارده المصرح بها في بعض النصوص لا يصلح لأن يكون موضوعا لغيره
، على أن إفادة عقد مفاد آخر لا يقتضي الاتحاد معه على وجه تلحقه أحكامه ، وإلا
لاقتضى اتحاد الهبة مثلا بعوض معلوم مع البيع ، وهو واضح البطلان ، فإن الأحكام
الشرعية تتبع عناوينها ، فكل حكم ثبت لموضوع خاص منها لا يثبت لغيره من تلك
الحيثية.
نعم لا بأس بثبوته
من دليل آخر ، فما عن الشيخ ـ تارة أنه بيع مطلق ، وأخرى ما عن الشافعي ، من أنه
فرع له إذا أفاد نقل العين بعوض معلوم ، وللإجارة إذا وقع على منفعة معلومة بعوض
معلوم ، وللعارية إذا تضمن التسلط على منفعة بغير عوض ، وللهبة إذا تضمن ملك العين
بغير عوض ، وللإبراء إذا تضمن إسقاط دين ـ لا وجه له ضرورة فرض عدم القصد به شيئا
منها ، وإلا كان باطلا لعدم وقوع البيع والهبة مثلا بلفظ الصلح ، ولا دليل على
ثبوت أحكامها له إذا أفاد فائدتهما ، على أنه لا يتم فيما ثبت بالنصوص من موضوع
الصلح الذي لا يندرج في شيء من المذكورات كما لا يخفى على من لاحظها ، بل الاتفاق
فتوى ورواية هنا على عدم اشتراط المعلومية في المصالح عليه في الجملة ، بخلاف
البيع.
وكيف كان فلا خلاف
بيننا في أنه يصح مع الإقرار والإنكار بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى
العمومات. نعم المراد من الصحة ـ مع الإنكار ـ الظاهرية بمعنى أنه يجرى عليه حكم
الصحة ظاهرا لا في نفس الأمر ، فإن المدعي ـ دينا أو عينا أو منفعة مثلا وأنكره
المدعى عليه ـ إن كان محقا لم يصح للمنكر ما بقي له من مال المدعي ، ـ سواء كان من
الجنس أو لا ، وسواء عرف المالك قدر الحق أولا ، وسواء ابتدأ هو بطلب الصلح عن حقه
أم لا ، لأنه ربما كان توصلا إلى أخذ بعض حقه ، بل لو فرض أنه صالحه عن العين مثلا
بمال فهي بأجمعها حرام ، ولا يستثنى له منها مقدار ما دفع إليه من العوض ، لفساد
المعاوضة في نفس الأمر ، إلا أن يفرض