فبان من ذلك كله
أن « إذا » في الآية ظرف على الأصل فيه ، وأن الكلام لا ينظم إلا به ، والمعنى لا
يستقيم بدونه فسقط احتمال خروجها عن الظرفية.
نعم على الظرفية
يحتمل الخروج عن الشرطية بتقدير العامل ، ( وَابْتَلُوا
الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ ) نظرتم ، أو ابتلوهم حتى تنظروا في وقت بلوغهم النكاح ، ( فَإِنْ
آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ).
وهذا وإن صح ، وصح
الاستدلال به ، غير أنه يستدعي تقديرا في الكلام ، وخروجا عن الظاهر في « إذا » من
تضمنها معنى الشرط في الغالب.
ومن هنا قال
الفاضل الطباطبائي : « الأصوب أن تكون إذا للشرط كما هو الأصل فيها ، وجوابها
مجموع الشرط والجزاء ، وهو قوله ( فَإِنْ آنَسْتُمْ ) وحتى حرف ابتداء
وغايتها مضمون الجملة التي بعدها ، وهو دفع المال عقيب إيناس الرشد الواقع عقيب
بلوغ النكاح ، وإنما كان كذلك ، لأن دفع المال في الآية مشروط بايناس الرشد ،
فيكون مؤخرا عنه ، وهذا الدفع المشروط بالايناس مشروط بالبلوغ فيكون المشروط بشرطه
المتقدم عليه متأخرا عن البلوغ الذي هو شرط فيه ، وترتب الشروط بحسب الوقوع ،
ترتيبها في الذكر ، فإنها في الآية قد وقعت على التوالي ، ولو تعاكست كان الشرط
المتقدم في الذكر مؤخرا في الوجود ، والمؤخر في الذكر مقدما في الوجود ، فلو أردت
نقل المضمون إليه قلت : « ادفعوا إليهم أموالهم أن رشدوا إن بلغوا » ولا يصح إن
بلغوا إن رشدوا ، لأنه يقتضي أن يكون الرشد شرطا في البلوغ والأمر بالعكس ، ومن ثم
لو قال قائل لله علي نذر إن شربت إن أكلت ، فأكل ثم شرب التزم ، بخلاف ما لو شرب
ثم أكل ، ولو عكس انعكس ».
قلت : هو جيد لكن
قد يقال : المنساق من الآية أنهما معا شرطان مستقلان في الدفع ، لا أن أحدهما شرط
في الأخر كالمثال الذي ضربه فتأمل جيدا.
وعلى كل حال
فالمناقشة المزبورة واضحة الدفع ، كالمناقشة في أصل حجية مفهوم الشرط ، وفي عمومه
، وفي خصوص « إذا » من أدواته بل وغيرها مما هو ليس بعريق في الشرطية ، بخلاف « إن
» وبأنه لو سلم ذلك كله ، فإنما يقتضي المفهوم عدم وجوب