دون ما ضمنه شريكه
بل قد يقال : بعدم الرجوع له عليه ، وإن أدى سابقا ، بل وان لم يؤد الآخر ، بأن
أبرأه الغريم مما عليه مثلا ، لحصول التهاتر بينهما قهرا بمجرد ضمان كل منهما باذن
الأخر ، لكنه كما ترى بعيد عن مذاق الفقه ، ويمكن أن يقال : انه وإن قلنا باشتغال
ذمة المضمون عنه للضامن إذا كان قد أذن له في ضمان وإن لم يجز له الرجوع عليه حتى
يؤدى ، إلا أن الظاهر كون ذلك على جهة المراعاة فإن لم يؤد لإبراء ونحوه ينكشف عدم
اشتغالها ، وإن أدى تبين اشتغالها ، فلا تهاتر حينئذ في الفرض ، وكذا لو قلنا بكون
السبب لاشتغالها العقد المأذون فيه مع الأداء فتأمل جيدا. فإن المسألة غير محررة
في كلامهم ، وسيأتي عن قريب بعض الكلام فيها إنشاء الله ، هذا كله في ضمان كل
منهما على الأخر.
أما لو ضمن اثنان
عن واحد ، فإن كان على التعاقب فالضامن من رضي المضمون له بضمانه بل لو أطلق الرضا
بهما كان الضامن هو السابق ، وإن كان ضمانهما دفعة ، فالضامن من رضي به منهما ،
وإن رضى بهما كذلك ، ففي الصحة ـ مع التقسيط بالنصف في الفرض والثلث إن كانوا
ثلاثة وهكذا ، أو الصحة مع التخيير ومطالبة من شاء منهما ، ومطالبتهما معا كما عن
ابن حمزة في الوسيلة وسماه بضمان الانفراد ، وعكسه وهو ضمان الواحد عن جماعة ضمان
الاشتراك ، بل قيل : إنهم جزموا به في باب الديات فيما إذا قال : الق متاعك ، وعلى
كل واحد منا ضمانه ، بل عن الفاضل في درسه توجيهه بوقوع مثله في العبادات كالواجب
على الكفاية ، وفي الأموال كالايدى المتعاقبة على المغصوب ، أو بطلان الضمان من
أصله كما عن المختلف وجامع المقاصد ـ أقوال.
ومن هنا قال في
القواعد : إشكال ، ولكن لا يخفى على من أحاط خبرا بنظائر المسألة قوة الأخير منها
، وما ذكره الفاضل من وجود النظير لو سلم أنه مثله لا يصلح دليلا للمسألة ، مع أنه
قد تقدم منا في المباحث السابقة ما يستفاد منه وضوح الفرق بين ذلك وبين الأيدي
المتعاقبة والله العالم.
المسألة الخامسة :
إذا رضي المضمون له من الضامن ببعض المال ، أو أبرأه من بعضه