وعليه فبين المعنى
اللغوي والشرعي عموم من وجه ، يجتمعان فيمن عليه الديون ولا مال له ، وينفرد
اللغوي بمن ذهب ماله ، وليس عليه دين ، الشرعي بمن له مال كثير ولكن عليه دين يزيد
على ماله ، وبه جزم في المسالك ، قال : « وعلى ما يظهر من تعريف المصنف يكونان
متباينين ».
قلت : فيه أولا :
أنه على تعريف المصنف بينهما العموم من وجه ، ضرورة ملاحظته بالنسبة إلى المصداق ،
فالمحجور عليه تارة يكون عليه الديون ، ولا مال له ، أوله مال فلوس فيجتمعان فيه ،
وينفردان بما ذكره هو أيضا ، وثانيا أن الحق كون المفلس شرعا من حجر عليه لقصور
ماله عن ديونه ، أو لعدم ما في يده ، فيكون التحجير عليه بالنسبة إلى المتجدد ،
كما صرح به الفاضل وإن كان لنا فيه بحث ، تسمعه إنشاء الله تعالى ، فقبل الحجر لا
يسمى المديون مفلسا شرعا ، وان استغرقت ديونه أمواله ، وزادت عليها ، كما يشهد
لذلك التأمل لكلماتهم ، والمناسبة لمعنى اسم المفعول في المفلس ، إذ منع الحاكم له
من التصرف يكون كأخذ فلوسه منه ، وبه صرح المحقق الثاني ، والأمر سهل والله أعلم.
وكيف كان ف لا
يتحقق الحجر عليه إلا بشروط أربعة وفي القواعد والتذكرة خمسة ، بزيادة المديونية
التي ترجع إلى الأول وهو أن تكون ديونه ثابتة عند الحاكم الذي أراد التحجير عليه ،
أو غيره ضرورة أصالة بقاء سلطنته مع عدم الثبوت ، بل هو ليس مفلسا شرعا كما عرفت.
الثاني : أن تكون
أمواله من عروض ومنافع وديون غير المستثنيات في الدين قاصرة عن ديونه فإن لم تكن
قاصرة فلا حجر عليه إجماعا محكيا في جامع المقاصد والمسالك وظاهر التذكرة ، بل
طالبه أرباب الدين ، فإن قضى وإلا رفعوا أمرهم إلى الحاكم ، فيحبسه إلى أن يقضي ،
أو يبيع عليه ويقضى عنه ، لأنه ولي الممتنع ، ولا يمنع في هذا الحال عن التصرف في
أمواله ، فلو تصرف فيها بحيث أخرجها عن ملكه ، قبل وفاء الحاكم بها نفذ تصرفه ،
وانتقل حكمه إلى من لم يكن عنده مال لديونه ، للإجمال في التذكرة على اشتراط منع
التصرف بالحجر ، كما هو مقتضى الأصل.