وعلى كل حال ف إن
صار خمرا في يد المرتهن بطل الرهن عندنا ، للخروج عن الملكية التي هي شرط صحته ،
خلافا لأبي حنيفة فلم يبطل الملك ولا الرهانة ، قياسا على العبد المرتد ، وهو باطل
عندنا ، مع أن الفرق بينهما بمعلومية عدم ملك المسلم الخمر ، وعدم جواز التصرف له
فيه دون المرتد واضح ، ف لا ريب في أن التحقيق ما قلنا.
نعم لو عاد خلا
عاد إلى ملك الراهن بلا خلاف أجده بيننا ، إلا ما تسمعه من المحكي عن أبي الصلاح
وهو شاذ ، لرجحانه على غيره بالملك السابق ، واليد المستمرة ، إذ يد المرتهن من
آثار يد المالك ، وللسيرة وللإجماع ، بل الضرورة على ملك الخل وجواز اتخاذه ، مع
أن العصير لا ينقلب إلى الحموضة إلا بتوسط الشدة ، على ما صرح به في التذكرة وجامع
المقاصد والمسالك ، فلو لم يعد بالخلية إلى الملك لم يملك الخل من اتخذه حينئذ ،
مضافا إلى الشك في اندراج الفرض في المباح الذي يملكه من استولى عليه ، فلا بد من
دخوله في ملك أحد حال تخلله ، ولا ريب في رجحان المالك السابق على غيره ، وإلى غير
ذلك مما يظهر من التأمل فيما ذكرناه ، فإذا عاد إلى ملك الراهن عادت الرهانة حينئذ
معه ، بلا خلاف أجده لأن العائد الملك السابق الذي كانت الرهانة متعلقة به ، لا
أنه ملكه بسبب جديد.
وفي التذكرة «
معنى قولنا يبطل الرهن ، لا نريد به ارتفاع أثره بالكلية ، وإلا لم يعد الرهن بل
المراد ارتفاع حكمه ما دامت الخمرية ثابتة » وتبعه في جامع المقاصد والمسالك ،
والمراد أن العلاقة باقية ، لمكان الأولوية ، ففي الحقيقة الرهن والملك موجودان
بالقوة القريبة ، لأن تخلله متوقع ، وإنما الزائل كونه رهنا وملكا بالفعل لوجود
الخمرية المنافية لذلك ، فيكون البطلان مراعى ببقائه كذلك ، أو بتلفه لا على جهة الكشف
كما عن بعض الشافعية ، فيبين عدم البطلان بالعود خلا والأظهر بطلانه بل على إرادة
عود حكم الرهانة الاولى ابتداء من دون استيناف عقد رهانة جديدا ،