استصحاب الضمان ،
بعد ما عرفت من ظهور دليله في غير الفرض ، ومن معلومية كون السبب في الضمان
العدوان ، والفرض زواله بالائتمان ، فلا وجه للاستصحاب.
وعدم ارتفاع
الضمان بالإسقاط ـ مع أن فيه بحثا. بل عن الشيخ السقوط لحصول سبب الوجوب ، فليس
إبراء مما لم يجب ، وتبعه المصنف فيما يأتي ، والفاضل في التحرير ـ لا مدخلية له
فيما نحن فيه الذي فرض حصول الإذن من الغاصب باستدامة القبض ، على أنه رهن ، أو
وديعة ، أو عارية مثلا ، وأنه بذلك صار أمانة في يده ، ودعوى الفرق ـ بين المقام ،
والوديعة التي هي استنابة عن المالك في الحفظ والقبض لمصلحة ، بخلاف ما نحن فيه ،
بل والعارية والتوكيل على البيع والإعتاق على إشكال ـ غير مسموعة ، فإن دقيق النظر
يقضى بعدم الفرق بين الجميع.
كما أنه يقضى بعدم
الفرق بين المغصوب وبين غيره ـ مما هو مضمون كالعارية المضمونة ، والمقبوض بالسوم
، أو الشراء الفاسد أو نحو ذلك ـ فيما ذكرنا من الحكم ، ومن ذلك تعرف النظر فيما
في القواعد ، وجامع المقاصد ، وغيرهما ، وقد يأتي إن شاء الله لذلك تتمة فتأمل
جيدا.
وعلى كل حال فقد
ظهر لك أن السبب في لزوم الرهن في مفروض المتن ما قلناه ، لا ما سمعت الذي قد عرفت
أنه لا يتم في الغصب ، ولذلك فصل في المسالك ، والروضة بين المغصوب وغيره ، فاعتبر
الإذن ومضي الزمان في الأول ، دون الثاني ، ولا ريب في ضعفه ، بل لم اعرف هذا
التفصيل لغيره عدا الفاضل في ظاهر التذكرة ، وإن حكاه في الروضة عن بعض ، ولعله هو
مراده.
كما أنه لم اعرف
وجها معتدا به لاعتبار مضي الزمان وإن قيل في توجيهه :أن الإذن في القبض يستدعي
تحصيله ، ومن ضرورياته مضي زمان ، فهو دال على القبض الفعلي بالمطابقة ، وعلى
الزمان بالالتزام ، ولما لزم من القبض الفعلي تحصيل الحاصل أو اجتماع الأمثال
المحالان حمل اللفظ على المعنى الالتزامي ، لتعذر المطابقي ، وهو كما ترى ، ضرورة
أن اعتبار الزمان من باب المقدمة لحصول القبض ، فلا يعقل اعتباره مع حصول ذي
المقدمة كما هو واضح.