المغنيات التي
يدخل عليها الرجال حرام ، والتي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس » لكن فيه أنهما
خصوصا الأخير ظاهران في المقابلة ، لا التخصيص ، بمعنى أن هذه أجرها حلال لا المغنية
في غير الأعراس وهي التي يدخل عليها الرجال لاتخاذ مجالس اللهو ، وحينئذ لا دلالة
فيهما على أزيد مما في قوله في الخبر الثالث [١] « المغنية التي تزف العرائس لا بأس بكسبها » على أنه لم
يعلم المراد من اللعب بالملاهي ، فإن كان هو من قبيل اللعب بالدف ونحوه مما لا
مدخلية له في الغناء ، ففيه مضافا إلى ما عرفت من كونه محرما خارجيا وليس في
الأدلة ما يقضي بحرمة الغناء حاله بل ظاهرها خلافه ، أنه صرح جماعة كما قيل بجواز
لعبها في العرس بالدف الذي لا صنج فيه ولا جلاجل ، وإن كان هو لا يخلو من إشكال ،
وإن أريد به ما له مدخلية في الغناء كالصرناج والرباب والزمار ونحو ذلك ، أمكن أن
يكون الوجه فيه حينئذ اتحاده في الخارج مع الغناء ، فيتجه استثنائه.
بل وكذا الكلام
بالباطل ، ضرورة أنك قد عرفت أن الغناء من كيفيات الأصوات ، والكلام ليس هو إلا
اللفظ الذي هو عبارة عن الصوت ، فمع فرض إبرازه بكلام باطل يحرم ، لكونهما فردا
واحدا في الخارج ، والأمر في ذلك سهل ، إذ المراد بيان الحكم في نفسه فلا ينافيه
اتفاق جهة الحرمة في بعض الأفراد.
وقد عرفت أن
الأقوى الجواز للنصوص السابقة المعتضدة بالشهرة المحكية ، خلافا للمحكي عن الحلي
والفخر ، بل لعله ظاهر المصنف وغيره ممن أطلق الحرمة من دون استثناء ترجيحا لإطلاق
النهي وعموماته بل قيل أن تحريم الغناء كتحريم الزنا أخباره متواترة ، وأدلته
متكاثرة ، عبر عنه
[١] الوسائل الباب
١٥ من أبواب ما يكتسب به الحديث ٣.