إن الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر لا يعقل كونهما بالقلب وحده ، ضرورة عدم كون ذلك أمرا ونهيا ،
كضرورة عدم كون المعرف والمنكر بالقلب آمرا وناهيا ، وإنما هو من توابع الإيمان
بما جاء به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا بد من اعتبار أمر آخر في المرتبة الأولى به تعد في
الأمر والنهي ، وهو إظهار عدم الرضا بضرب من الإعراض وإظهار الكراهة ونحو ذلك ،
والأمر في ذلك سهل.
إنما الكلام فيما
ذكره المصنف وجماعة ، بل ربما نسب إلى الأكثر من السقوط أيضا بغلبة الظن بعدم
التأثير ، مع أن الأوامر مطلقة ، ومقتضاها الوجوب على الإطلاق حتى في صورة العلم
بعدم التأثير ، إلا أنه للإجماع وغيره سقط في خصوصها ، أما غيرها فباق على مقتضى
الإطلاق من الوجوب ، ولعله لذا كان ظاهر جماعة بل صريح آخرين الاكتفاء بالتجويز
الذي معناه الإمكان الذي يخرج عنه الامتناع خاصة ، بل هو مقتضى عنوان المتن أولا ،
وإن كان قد فرع عليه غلبة الظن ، ودعوى انصراف الإطلاق إلى غير ذلك فيبقى أصل
البراءة سليما ممنوعة ، كما أن قول الصادق عليهالسلام في خبر مسعدة [١] المتقدم لما سئل عما جاء عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أن أفضل
الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر » : « هذا على أن يأمره بعد معرفته ، ومع ذلك يقبل
منه ، وإلا فلا » ـ كقوله عليهالسلام في خبر يحيى [٢] « إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن متيقظ أو جاهل
متعلم ، وأما
[١] الوسائل ـ الباب
٢ من أبواب الأمر والنهي الحديث ١ ـ٢ مع اختلاف في اللفظ.