عليهالسلام في رواية زرارة [١] : « الوضوء مثنى مثنى ، من زاد لم يؤجر عليه » والأصل
مقطوع بما سمعت ، والخبر أعم من الإباحة ، بل قد يدعى أن ذلك كناية عن الحرمة ،
لعدم تصور الإباحة في جزء العبادة.
وأما المناقشة
فيما ذكرناه من الأدلة بأن اللازم منه تحريم اعتقاد ندبيتها لا فعلها بدون ذلك
الاعتقاد ، بل ومع الاعتقاد أيضا ، والكلام في حرمة الفعل لا الاعتقاد ، بل قد
يناقش في حرمة ذلك الاعتقاد ، لأنه قد يكون ناشئا من اجتهاد أو تقليد ، فلا إثم
حينئذ وإن كان خطاء ، ودعوى أن ذلك من الضروريات ممنوعة ، وإلا لقضي بكفر المعتقد
ولا قائل به ، بل قد يمنع تصور الاعتقاد مع العلم بعدم المشروعية. ففيها أن المراد
بحرمة غسل الثالثة إذا جيء بها على جهة المشروعية ، كما هو الظاهر من الأدلة لأن
مساقها الرد على العامة المبدعين استحبابها ، فالإتيان بها حينئذ لا على هذا الوجه
بل كان لغرض من الأغراض كالتبريد ونحوه أو عبثا خارج عن محل الفرض ، ولا حرمة فيه
من جهة التثليث ، نعم قد تحصل الحرمة حينئذ من أمور أخر كاستلزامها فوات الموالاة
بمعنى المتابعة إن قلنا بوجوبها ، أو بطلان الوضوء لمكان المسح بالماء الجديد إن
قلنا بحرمة قطع العمل ، وأما دعوى عدم حرمتها حتى لو جيء بها على جهة المشروعية
زعما منه أن المحرم الاعتقاد دون الفعل فهو مما لا ينبغي أن يلتفت إليه ، بل يمكن
دعوى الإجماع على خلافه ، كما أن الظاهر أن التشريع ليس مخصوصا بالجاهل الذي يتصور
منه الاعتقاد ، بل يجري فيه وفي العالم ، لأن المحرم هذه الصورة والنية الجعلية ،
سيما في الرئيس ذي الأتباع كأبي حنيفة ومالك ، ومن العجيب قوله آخرا : إنه قد
يناقش في حرمة ذلك الاعتقاد الى آخره ، إذ الكلام في التشريع المحرم ، وهو عبارة
عن إدخال ما ليس من الدين في الدين ، إما من العالم بعدم مشروعيته ، أو من الجاهل
الغير المعذور ، ويكفي في الحرمة تلك الصورة ، كل ذلك مع ما عرفت من ظواهر
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٣١ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٥.