الظاهر إرادة
المثلين لما يغسل ، وهو البلل الباقي على الحشفة ، فإنه المحتاج للماء في الغسل لا
تلك القطرة التي تسقط غالبا عند إرادة الاستنجاء ، سيما بعد تعارف الاستبراء ،
وكون الغسل بعد انقطاع دريرة البول ، أنه لا داعي الى هذا التكلف لما ستعلمه من
فساد القول بوجوب التعدد ، وإلا فيمكن أن يقال بتحقق الغسل بالمثل ، لصدق المثل
على الزائد زيادة يسيرة بحيث يتحقق به الغلبة ، واحتمال إرادة كل غسلة بمثلي ما
على المخرج ، لا كل غسلة بالمثل ، فتتحقق حينئذ الغلبة يدفعه ان الرواية المنجبرة
بكلام الأصحاب ظاهرة بل نصة في نفيه ، إذ على ذلك يكون الأقل أربعة أمثال لا
المثلين ، على أنه لم يصرح أحد بوجوب نحوه ، نعم قيل انه يحتمله عبارة الفقيه
والهداية ، وستسمعهما.
( المقام الثاني )
وجوب التعدد ، ونقل التصريح عن الفقيه والهداية ، لقوله في الأول : « ويصب على
إحليله من الماء مثلي ما عليه من البول ، يصبه مرتين ، وهذا أدنى ما يجزي » ونحوه
في الهداية ، واختاره المحقق الثاني والشهيدان ، والأقوى خلافه للأخبار المطلقة
الآمرة بالغسل المتحقق بالمرة ، مع كون الحكم مما تشتد الحاجة إليه ، فايكال الأمر
إلى الإطلاق في مقام البيان كالتصريح في عدم وجوب التعدد ، ( منها خبر يونس بن
يعقوب [١] قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : « الوضوء الذي
افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط أو بال ، قال : يغسل ذكره ، ويذهب
الغائط » مضافا الى رواية نشيط بن صالح المنجبرة بفتوى الأصحاب ، فإنها اجتزت
بالمثلين من غير تقييد بالمرتين ، بل قد عرفت أنه لا يتحقق بالمثل ، فيكون حينئذ
المشهور الاكتفاء بالمرة الواحدة ، لكون عباراتهم مطلقة في الغسل من غير ذكر
للمرتين وان ذكروا التقدير بالمثلين ، لكنه لا إشارة فيه اليه كما عرفت ، بل
الأظهر عدمه ، لما عرفت من عدم تحقق الغسل بالمثل إلا على تكلف مستغنى عنه ، على أنه
لم يقيده بذلك في الخلاف والإرشاد واللمعة وعن جمل السيد
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة حديث ٥.