كما يظهر من
المصنف والعلامة وغيرهما ، وتظهر الثمرة فيما لو تحقق الغسل بالأقل من المثلين فلا
يجتزى به ، بناء على الأول ، بخلاف الثاني ، فيكون في الحقيقة اشتراط المثلين
تعبديا ، ويؤيد ذلك أنه من المستبعد جدا توافق العبارات المتقدمة على التعبير
بالمثلين ، وانه أقل ما يجزي مع إرادتهم منه ان ذلك أقل ما يتحقق به الغسل ، وإلا
فهم متفقون على أن المدار ما يسمى غسلا ، كلا إن ذلك غير ظاهر من كلماتهم مخالف
لما فهم الفحول منهم ، نعم لا خلاف بينهم في عدم الاجتزاء بالمقدر إذا لم يتحقق به
غسل ، لكنه فرض نادر ، واحتمال أن الغسل لا يتحقق بالأقل من المثلين ، فحينئذ لا
خلاف ممنوع ، كاستبعاد كون ذلك شرطا تعبديا ، لعدم النظير في سائر ما يرفع به
الخبث ، بل ولا ما يرفع به الحدث ، بل ولا البول نفسه في غير الاستنجاء ، إذ هو
استبعاد لغير البعيد بعد قضاء الدليل به ، بل لعله الأقوى ، لخبر نشيط بن صالح [١] عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته « كم
يجزي من الماء في الاستنجاء من البول؟ فقال : مثلا ما على الحشفة من البلل » فيقيد
به إطلاق الغسل ، كما يقيد به إطلاق المرتين لو سلم شموله للمقام ، ودعوى ان في
سندها مروك بن عبيد الذي هو غير معروف الحال يدفعها ـ مع أن ذلك غير قادح ، لما
عرفت من انجبارها بالشهرة المحصلة والمنقولة ـ أنه نقل العلامة في الخلاصة عن
الكشي أنه قال محمد بن مسعود سألت علي بن الحسن عن مروك بن عبيد بن سالم بن أبي
حفصة ، فقال : ثقة شيخ صدوق ، كدعوى ان هذه الرواية معارضة بروايته الأخرى المؤيدة
بأصل براءة الذمة من الزائد ، والاخبار [٢] المطلقة الآمرة بالغسل ، وأن الاستنجاء حده النقا ، فإنه روى
أيضا عن أبي عبد الله عليهالسلام[٣] قال : « ويجزي من البول أن تغسله بمثله » إذا الأصل مقطوع
باستصحاب النجاسة ، وبما سمعت من الرواية المنجبرة بما تقدم ، وبذلك تقيد المطلقات
، مع
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٦ ـ من أبواب أحكام الخلوة حديث ٥.