الأصحاب في غير
محله وإن تبعه عليهما بعض من تأخر عنهما ، بل ربما ظهر من صاحب المدارك اختيار
المقدمي ناقلا له عن العلامة في المنتهى ، ولم أجده فيه ، بل الموجود خلافه ، كما
يظهر للمتصفح لكلامه فيه ، ومنه أنه جعل غسل شيء من العضد مقدمة لإدخال المرفق ،
كما ذكر ذلك فيما لو انقطعت يده من المرفق.
والحاصل أن التأمل
في كلمات القوم يشرف الفقيه على القطع بأن مرادهم به الوجوب الأصلي ، فيدل عليه
حينئذ بعد ما سمعت من الإجماعات وغيرها ظواهر الوضوءات البيانية ، ففي بعضها [١] ( وضع الماء على
المرفق ) وفي آخر [٢] ( الغسل من المرفق ) وهي وإن كانت أعم من المقدمي والأصلي
لكنها ظاهرة في الأخير ، وما تقدم سابقا من المناقشة في دلالتها على الوجوب قد
عرفت الجواب عنه ، واشتمال بعضها على لفظ ( الذراع ) لا ينافي دخول المرفق معه ،
وقد يظهر الوجوب أيضا من خبر ابن عروة التميمي [٣] قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام « عن قوله تعالى ( فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ) فقلت : هكذا ،
ومسحت من ظهر كفي إلى المرفق ، فقال : ليس هكذا تنزيلها ، انما هي (
فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ) من ( الْمَرافِقِ ) ، ثم أمرّ يده من
مرفقه إلى أصابعه » بناء على أن ابتداء الغاية داخل فيها ليس كإلغائه ، ولذا نقل
عمن أنكر هناك وافق هنا ، لكنه مناف لجعل ( الى ) بمعنى مع في غيره كما تقدم ، مع
أنه قد يقال : المراد بالتنزيل التأويل ، كما يقال يمكن تنزيله على كذا ، فيكون
مقصوده إرادة عدم الغسل منكوسا ، أو أن ( الى ) هنا بالمعنيين أو يراد بكونها
بمعنى ( مع ) دخول المرفق ، فلا ينافي جعلها بمعنى من ، كما أنه لا ينافيه ما في
بعض الأخبار من جعل ( إلى ) غاية للمغسول لا للغسل ، إما للقول بأن الغاية داخلة
مطلقا ، أو في خصوص المقام حيث لا مفصل محسوس ، أو للحكم بالدخول هنا خاصة لما
سمعت من الإجماعات وغيرها ، هذا.
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٥ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٢.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ١٥ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ١١.
[٣] الوسائل ـ الباب
ـ ١٩ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ١.