مع أنه اجتهاد في
مقابلة الكتاب والسنة أن توقف الأخذ على العمل لا ينافي الاستحقاق لها بشرط العمل
، بل لا ينافي أخذها باعتباره لا باعتبار الفقر ، ولذا جازت له مع الغنى كابن
السبيل الغنى في بلده ، وما ورد في النصوص [١] من أن علة شرعها الفقر لا يقتضي اختصاص جهة صرفها فيه.
وعلى كل حال
فللعمال أحكام كثيرة قد اشتمل صحيح بريد [٢] على جملة منها ، إلا أن الذي يجب أن يستكمل فيهم أربع صفات
: التكليف بلا خلاف أجده فيه ولا إشكال ، فلا تجوز عمالة الصبي والمجنون ولو باذن
وليهما ، لأنها نيابة عن الامام عليهالسلام في الولاية على قبض مال الفقراء وحفظه لهم ، وهما قاصران
عن ذلك ومن هنا اعتبر فيهم الايمان بالمعنى الأخص ، لعدم جواز هذه الولاية لغيره ،
إذ هي غصن من شجرة العهد الذي لا يناله الظالمون ، مضافا إلى عموم ما دل [٣] على عدم جواز
إعطائهم الصدقات وإلى ما حكي من الإجماع في الروضة والمفاتيح على اعتبار العدالة
فيهم المعلوم انتفاؤها في غير المؤمن ، والخلاف الآتي في اعتبار العدالة في
المستحقين في غير المقام ، وقال أمير المؤمنين عليهالسلام[٤] لمصدقه الذي أرسله إلى الكوفة : « انطلق يا عبد الله وعليك
بتقوى الله وحده لا شريك له ، ولا تؤثرن دنياك على آخرتك ، وكن حافظا لما ائتمنتك
عليه ، راعيا لحق الله فيه ـ إلى أن قال له ـ: فإذا قبضته ـ أي حق الله ـ فلا توكل
به إلا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا غير معنف بشيء منها ، ثم احدر كل ما اجتمع عندك
من كل ناد إلينا نصيره حيث أمر الله ، فإذا انحدر بها رسولك فأوعز اليه ألا يحول
بين ناقة وبين فصيلها ، ولا يفرق بينهما ، ولا يمصرن لبنها
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١ ـ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ١٤ ـ من أبواب زكاة الأنعام ـ الحديث ١.
[٣] الوسائل ـ الباب
ـ ٧ ـ من أبواب المستحقين للزكاة.
[٤] الوسائل ـ الباب
ـ ١٤ ـ من أبواب زكاة الأنعام ـ الحديث ١.