السابق ، والظاهر
أن سبب إحداثهم إياها هو قتل أمير المؤمنين عليهالسلام وغيره في المسجد في أثناء الصلاة ، أو إظهار الكبرياء
والجبروت بالتستر عن الناس ، فأحدثوا هذه المقاصير كي يدخلوا إليها وقت الصلاة
ويحتجبوا بها ، فمن هنا يقوى الظن بعدم إرادة المقاصير من المحاريب في خبر طلحة ،
ولكن لا بأس بالحكم بكراهتها أيضا.
فيكون المكروه أحد
أمور ثلاثة : المقاصير والمحاريب الداخلة في الحائط كثيرا المشابهة للمقاصير
والمحاريب المتخذة مستقلة في المسجد التي هي كمذابح اليهود ، وإن كان المستفاد من
خبر طلحة الأخير خاصة ، أما المحاريب التي هي مجرد أثر في الجدار ضبطا للقبلة أو
داخلة فيه قليلا فلا كراهة في شيء منها كما يؤيده السيرة الآن على اتخاذها من غير
نكير ، بل لا مسجد غالبا إلا وفيه ذلك ، هذا ، وفي كشف اللثام مازجا لعبارة
القواعد « أنه يكره بناء المحاريب الداخلة في داخل حائط المسجد لا في نفس الحائط
وهي كما أحدثتها العامة في المسجد الحرام ، واحد للحنفية ، وآخر للمالكية ، وثالث
للحنابلة ، للأخبار ، والأمر بكسرها ، أو إحداثها بعد المسجدية محرم ، لشغلها
مواضع الصلاة » والظاهر بقرينة تعليله الحرمة بما سمعت إرادته تفسير الدخول في
المتن بالدخول في المسجد لا الدخول في نفس الحائط ، لأنه القابل للكسر ، فيكون
المكروه عنده الأول والثالث مما ذكرنا ، لكن قد سمعت أن الذي فهمه غير واحد من
الأصحاب إرادة الدخول في نفس الحائط كما هو المتبادر خصوصا من المتن ونحوه ، نعم
قيدوه بالدخول الكثير لا الدخول في الجملة ، ووجهه ما تقدم ، فإذن الأصح ما عرفت ،
وأما ما ذكره من حرمه الأحداث بالمعنى الذي ذكره فواضحة مع الإضرار بالمصلين كما
سمعت نظيره في المنارة المحدثة بعد المسجدية ، والله أعلم.
وكذا يكره أن يجعل
المسجد طريقا كما نص عليه الفاضلان والشهيدان والمحقق الثاني وغيرهم ، بل حكي عن
الشيخ والحلي ، لمنافاته احترامها المستفاد