الخلاف الذي علله
بأنهم لا يختلفون في ذلك ، فإنه يرد عليه ما سمعته في كلام المفيد ، على أنه هو
بنفسه قد يشعر بعض عباراته في بعض كتبه به ، بل ربما آوى بعض أخبار المواسعة غير
راد لها ولا مؤل ، بل ربما تشعر جملة من عباراته في الاستبصار بأن المدار في تضيق
الحاضرة عنده الوقت الاختياري ، ومن هنا قال بعض مشايخنا المحققين : إن كلام الشيخ
في كتبه لا يخلو من اختلاف واضطراب ، وأما إجماع ابن زهرة فلا يخفى على الخبير
حاله بل وحال غيره من إجماعاته ، بل قد يحتمل أن منشأه هنا دعوى المرتضى الإجماع
على فورية الأوامر المطلقة في الكتاب والسنة ، أو تلك العبارة التي سمعتها في كلام
المفيد أو غير ذلك ، وبقي إجماع الرسيات وشرح الجمل ، ويجري فيهما بعض ما تقدم ،
وبالجملة الركون هنا إلى هذه الإجماعات التي قد عرفت حالها من الفتاوى والروايات
مما لا يقطع بالعذر معه عند رب السماوات ، خصوصا بعد ما سمعت من معارضتها
بالإجماعات السابقة في أدلة المواسعة ، واشتهار الاعراض عنها في الأعصار المتأخرة
المملوة من الأفاضل المحققين الذين لا يجسر على دعوى قصورهم عن المتقدمين ، بل هي
على العكس أقرب إلى الصواب كما لا يخفى على ذوي الألباب ، بل هم معهم أشبه شيء
بقوله تعالى [١]( ما نَنْسَخْ مِنْ
آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها ) ويكفيهم في الفضل
أنهم علموا ما عند المتقدمين وزادوا عليهم بما عندهم ، وأعلم الناس من يجمع علمه
وعلم غيره.
ولقد أجاد المجلسي
طاب ثراه فيما حكي عنه في أحكام صلاة الجمعة من البحار حيث قال : « وأي فرق بين
عمل الشهيد الثاني ومن تأخر عنه وعمل الشيخ ومن تأخر عنه إلى زمان الشهيد الثاني
حيث يعتبر أقوال أولئك ولا يعتبر أقوال هؤلاء ، مع أنه لا ريب أن هؤلاء أدق فهما
وأذكى ذهنا وأكثر نتبعا منهم ، ونرى أفكارهم أقرب إلى الصواب في أكثر الأبواب »
إلى آخره. مع أنه لا يخفى عليك وضوح الفرق بين المقامين وشدة