من المستعجلين ،
بخلاف نحو إقعاء الكلب الذي هو في غاية الصعوبة ولم يستعمله أحد فلذا ناصب التنصيص
على الأول دونه ، وإلا فالنهي مما يشملهما كما هو الأصل فيما يتعقب النهي من
الطبائع والنكرات ، خصوصا بعد التأكيد في الخبر المزبور ، نعم قد يمنع عليه أصل
ذلك بملاحظة كلام اللغويين والفقهاء ، لظهورهما معا في تباين المعنيين وعدم الجامع
بينهما ، وأن لفظ الإقعاء حينئذ إما من المشترك لفظا ، أو من الحقيقة والمجاز ،
فالطبيعة أو النكرة المتعقبة للنهي انما تقتضي التعميم في أفراد ذلك المعنى المراد
لا المعنى الآخر كما هو واضح ، ومن هنا قال في المحكي عن البحار : إن المعنى
المشتهر بين اللغويين خلاف ما هو المستحب من التورك ، أما إثبات كراهته فمشكل ،
لأنه لا يدل على كراهته ظاهرا إلا أخبار الإقعاء ، وهي ظاهرة في معنى آخر مشتهر
بين الأصحاب ومخالفيهم ، قلت : فهي مع القرائن السابقة التي أقمناها على تعيين
المراد من الإقعاء هنا في النصوص والفتاوى تعارض شهرة اللغويين ، لكن ومع ذلك
فالأولى تركه.
كما أن الأولى ترك
الجلوس على بطون القدمين بافتراش ظاهرهما على الأرض وإن كان إثبات كراهته مشكلا
أيضا ، بل قد سمعت فيما تقدم عن ابن الجنيد استحبابه فيما بين السجدتين ،
والاستناد في إثباتها إلى ما يوهمه إطلاق كلام بعض اللغويين والمخالفين بعد أن
عرفت التحقيق وأنها عند الأصحاب لما لا يشمل ذلك في غاية الضعف ، كالاستناد إلى
نحو قوله [١] : « ولا تقع على
قدميك » وقوله [٢] : « إياك والقعود على قدميك » ونحو ذلك ، ضرورة كون مورد
الأول الإقعاء لا القعود ، فيتوقف الاستدلال به على أن الإقعاء موضوع لخصوص هذا
الفرد أو لما يشمله ، وقد عرفت ما فيه ، والمراد بالثاني بقرينة التعليل بالأذية
وعدم الصبر ما لا يشمل ذلك وإن كان تخصيصه بالإقعاء بالمعنى المتعارف لا يخلو من
بحث ، لاحتمال إرادة النهي عن أن
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة ـ الحديث ٥.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة ـ الحديث ٣.