المكروه ، بل قد
يدعى ظهوره في نفسه بذلك ، لكونه من قبيل النكرة في سياق النفي ، كما هو مبنى
الاستدلال بما سمعت من الروايات المتضمنة لنفي البأس ، بل هو مبنى الاستدلال على
الكراهة أيضا بمفهوم مضمرة سماعة المتقدمة ، إلا أنه قد يقال : ان نفي البأس ظاهر
في إرادة الإذن الذي لا ينافي الكراهة ، فلا حجة حينئذ فيما سمعت من الأخبار ، بل
قد يحمل كلمات بعض المتقدمين غير المفيد على ذلك ، فإنهم اقتصروا على نفي البأس ،
بل قد يقال : ان ذلك أولى ، لكون البأس في اللغة كما قيل انما هو العذاب ، فلا
دلالة فيه إلا على نفي الحرمة ، وان كان الحق ان موارد استعماله في الأخبار تختلف
، لكن على كل حال لا يصلح لمعارضة ما يدل على الكراهة ، فالأقوى الأول ، ومراد
المصنف بالحمير الأهلية دون الوحشية لتبادرها ، مع عدم كراهة الوحشية كما قيل.
ويكره سؤر الفأرة
كما في التحرير والقواعد والذكرى وعن الوسيلة والمهذب والجامع ، وهو الأقوى ،
خلافا لما يظهر من المقنعة والتهذيب في باب تطهير الثياب ، كما عن النهاية
والمبسوط فيه أيضا من وجوب غسل ما تلاقيه برطوبة ، ومثله المنقول عن الفقيه ، مع
أن المحكي عن النهاية في المقام « إذا وقعت الفأرة والحية في الإناء وشربتا منها
ثم خرجتا لم يكن به بأس ، والأفضل ترك استعمالها » وتقدم سابقا كلامه في المبسوط
أيضا « لا بأس فيما لا يمكن التحرز منه من حيوان الحضر ، مثل الهرة والفأرة والحية
» واحتمال الفرق بين الموضعين في غاية البعد ، كاحتمال القول بوجوب الغسل خاصة
تعبدا ، مع أن المحكي عنه في المبسوط في باب التطهير التعدي الى غير ذلك من وجوب
إراقة الماء إذا باشرته ، وان قال بعد ذلك : « وقد رويت رخصة في استعمال ما شربت
منه الفأرة في البيوت والوزغ ، أو وقعا فيه وخرجا حيين ، لأنه لا يمكن التحرز من
ذلك ».