أكثر الفقهاء ، إذ
لم يوافقه على ما ذهب إليه أحد ممن وصل إلينا خلافه ـ أنه غير ثابت النقل ، بل
الذي حكي عنهما أنهما أضافا القول بالجواز الى مذهبنا ، مع تعليل المرتضى له بأن
من أصلنا العمل بدليل العقل ما لم يثبت الناقل ، وليس في الأدلة العقلية ما يمنع
من استعمال المائعات في الإزالة ، ولا ما يوجبها ، ونحن نعلم أنه لا فرق بين الماء
والخل في الإزالة ، بل ربما كان غير الماء أبلغ ، فحكمنا حينئذ بدليل العقل ، وهو
غير صريح في دعوى الإجماع ، بل لو ادعاه لكان هذا الكلام قرينة على إرادته بهذا
المعنى الذي ذكره في بيانه ، وأما ما ذكره المفيد من الرواية عن الأئمة عليهمالسلام فهو ـ مع احتمال
إرادة الإطلاقات التي استدل بها المرتضى ، أو رواية البصاق ونحوه ـ رواية مرسلة لا
جابر لها ان ألحقنا مثل ذلك بالمراسيل ، واحتمال جبرها بإجماع المرتضى قد عرفت ما
فيه ، ومن هنا نقل عن المحقق أنه قال : نمنع دعواه ، ونطالبه بنقل ما ادعاه.
( وأما الثاني )
ففيه ـ بعد تسليم كون الغسل شاملا لسائر المائعات ـ أنه يحكم عليه ما سمعت من
المقيدات ، بل شيوعه وتبادره الى الذهن عند الأمر بالغسل كاف في تقييده ، لانصراف
المطلق إلى الشائع ، وما وقع من بعضهم في المقام من المناقشة في تحكيم المقيدات ،
من جهة أنه ليس أولى من حمل الأمر في المقيد على الندب ، وهو مجاز راجح قد تبين
فساده في الأصول بما لا مزيد عليه ، والفهم العرفي كاف في رده كالمناقشة الواقعة
من المرتضى المتقدمة سابقا في هدم القاعدة الثانية ، بأنه لو تم لاقتضى عدم الغسل
بماء الكبريت ، وهو باطل إجماعا ، إذ ما استفاده من الإجماع على جواز الغسل بالماء
المذكور من بطلان هذه القاعدة ليس أولى من جعل ذلك الجواز للإجماع ، وتبقى القاعدة
على حالها ، هذا إن سلمنا أن الندرة التي ادعاها في مثل ماء الكبريت كالندرة في
المقام من كونها ندرة إطلاق ، مع إمكان منعه ، بكون الأولى ندرة وجود بخلاف
الثانية ، فتأمل.