لأنه ما دامت في
البئر هي مؤثرة ذلك المقدر ، فيقع ذلك النزح عبثا ، وفي كشف اللثام نقل الاتفاق
عليه في المنتهى ، والموجود فيه النزح إنما يجب بعد إخراج عين النجاسة ، وهو متفق
عليه بين القائلين بالتنجيس ، وكيف كان فقد عرفت أن الأقوى وجوب إخراج عين النجاسة
أولا ، فلو كانت النجاسة مثلا شعر نجس العين فإنه يجب النزح حتي يعلم إنه ليس فيها
شيء منه ، ولو تعذر لم ينفع التراوح وبقيت معطلة ، ويحتمل أن يقال يمكن التمسك
بأصالة عدم زيادتها على ما خرج ، فينزح حينئذ المقدر وتطهر البئر ، وأيضا مقتضى
الأخبار حصول الطهارة باستيفاء المقدر مطلقا ، غاية ما قيدت تلك الإطلاقات بما لم
يكن شيء من النجاسة خارجا قبل النزح. فيبقى الباقي داخلا ، وفيه أن استصحاب
النجاسة وأصالة عدم استيعاب ما فيها من النجاسة قاضية ببقاء النجاسة ، وما ذكرته
من الإطلاق إنما هو مقيد بعدم الوجود لا بعدم الوجدان ، والظاهر أن هذا نوع فرع لا
يخص القائلين بالنجاسة ، بل القائلين بالتعبد أيضا يأتي الكلام فيه على تأمل.
وربما ظهر من
بعضهم أنه يمكن القول بوجوب إخراج النجاسة أولا على القول بالطهارة ، وفيه أنه لا
معنى له ، بل ينزح حتى يزول التغيير ، فلا يقدح حينئذ بقاء النجاسة ، ومثل ما
ذكرنا في الشعر النجس يجزي في سائر النجاسات إلا المستهلكة ، وعن الشهيد في الذكرى
أنه ألحق بالشعر النجس شعر طاهر العين لمجاورته النجس مع الرطوبة ، واحتمل هو أيضا
عدم طهارته في أصله ، فتأمل. فظهر مما ذكرنا أنه لا يحتسب شيء مما يخرج به
النجاسة من العدد ، لوجوب إخراج عين النجاسة سابقا ، واحتمل في كشف اللثام
الاجتزاء بإخراج عين النجاسة في أول دلو واحتساب تلك الدلو من العدد ، لإطلاق
النصوص والفتاوى ، والظاهر أن مقصوده استغراق أول دلو عين النجاسة كلها ، لا فيما
إذا بقي في البئر شيء ، لكن قد عرفت أن الفتاوى مقيدة بما نقله عن المنتهى ، وأما
الأخبار فهي مع ظهورها في أن مقدرها بعد إخراج عين النجاسة قد صرح به بعضها ، كرواية
[١]
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٧ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ٦.