وإن كان نقي السند
لكنه غير ظاهر الدلالة ، لاحتماله إرادة نزحت حتى يذهب الريح ، لا أقل من أن تكون
من العام والخاص ، فإذا كان كذلك وجب حمل رواية أبي خديجة على ضرب من الاستحباب ،
أو انه إذا لم يزل التغيير ينزح الماء كله ونحو ذلك.
ثم اعلم أن أهل
هذا القول اختلفوا عند التعذر ، فما بين قائل يرجع الى التراوح ، لما عرفت ، وهو
الأقوى على تقدير القول بنزح الجميع ، وما بين قائل إلى زوال التغيير ، للجمع بين
ما دل على نزح الجميع وما دل على النزح حتى يزول التغيير ، بحمل الأول على صورة
الاختيار ، والثانية على التعذر ، ومقتضاه أنه لا فرق في حال التعذر بين النجاسة
التي لها مقدر أولا ، وفيه ما لا يخفى من تحكم تلك الأخبار أولا ، ومن حمل هذه
الأخبار على التعذر ثانيا ، ومن عدم مراعاة أكثر الأمرين في حال التعذر ثالثا ،
وغير ذلك ، وما بين قائل بمراعاة أكثر الأمرين ، وفيه ما تقدم ، إلا الثالث ،
فتكون الأقوال حينئذ سبعة ، وقد عرفت الأقوى منها ، والله أعلم ، وكلها يمكن
جريانها على القول بالوجوب التعبدي ، وأما على القول بالطهارة واستحباب النزح
فبعضها ، فلا يجري جميعها وإن أمكن ذلك في بعضها ، كما هو ظاهر بأدنى تأمل ، ولو
زال التغير لنفسه وقلنا بالنجاسة فيحتمل أن يقال بوجوب نزح الجميع ، لاستصحاب
النجاسة وذهاب ما قدر الشارع ، لبناء الطهارة بزواله ، ويحتمل القول بأنه يرجع إلى
حاله قبل التغير ، فان كانت النجاسة منصوصة وجب مقدرها ، وإلا فالجميع ، ولعله
الأقوى ، ويحتمل القول بتقدير التغيير ونزح ما يزيله تقديرا ، وينقدح حينئذ مراعاة
أكثر الأمرين وغيره ، ووجه الكل واضح ، وفي كشف اللثام أنه على تقدير وجوب نزح
الجميع هنا فان تعذر النزف فلا تراوح هنا ، بل ينزح ما يعلم به نزح الجميع ولو في
أيام ، ووجهه واضح ، انتهى. قلت هو غير واضح بعد ما سمعت من قيام التراوح عندهم
مقام نزح الجميع ، كما تقدم.
فروع ( الأول )
هل يعتبر فيما قدر فيه النزح تعدد ذلك النزح فلو نزح