أن يقال انا
نستظهر من الأدلة أن النزح لماهية الكلب مثلا ، ووقوعه منكرا في بعض الروايات لا
يراد منه مع قيد الوحدة ، بل المقصود الجنسية ، فيكون حاله كسائر النجاسات الواقعة
على البدن أو الثوب من البول والغائط وغيرها ، ولعله لذا أو لما تقدم تردد المصنف
، وان كان الأقوى ما ذكرنا ، وعدم ظهور إرادة الوحدة من التنكير لا يقضي بظهور
إرادة الجنس ، والاستصحاب محكم ، ومع ذلك كله لا يخلو القول بالاكتفاء من قرب ،
لان الاستصحاب موقوف على تحقق المستصحب أولا ، والكلام فيه ، وأصالة عدم التداخل
فرع تعدد الأسباب ، والكلام فيه ، وقال في جامع المقاصد بعد أن اختار عدم التداخل
مطلقا : « ويستثنى من ذلك اختلاف النجاسة الواقع بالكم ، فان الدم الواقع إذا كان
قليلا فوقع بعده ما يخرجه من القلة إلى حد الكثرة وجب منزوح الأكثر خاصة » ومثله في
المسالك ، وهو متجه ان قلنا بحصول الكثرة بالدفعات ، لكنه لا يخلو من نظر ، وعليه
حينئذ لا تداخل فيما إذا وقع دم قليل ثم وقع دم كثير بعده ، لتعدد السببين ، وكذلك
العكس ، بخلافه على ما ذكراه ، فإنه يلزمهما ذلك.
إلا أن يكون
الواقع المتعدد من المتماثل بعضا من جملة لها مقدر ، فلا يزيد حكم أبعاضها عن
جملتها لا إشكال في عدم الزيادة ، والظاهر وجوب نزح مقدار الجملة لها وإن لم يدخل
تحت اسم الجملة ، لتوقف يقين البراءة عليه ، وفي المدارك عن المحقق الشيخ علي أنه
احتمل إلحاقه بغير المنصوص ، لعدم تناول اسم الجملة له ، ثم قال : وهو انما يتم
إذا كان منزوح غير المنصوص أقل من منزوح الجملة ، إذ لا يعقل زيادة حكم الجزء على
الكل ، ولم أجد هذا الاحتمال في جامع المقاصد بل الموجود منه ما اخترناه من وجوب
نزح ما للجملة ، لانتفاء الدليل الدال على الاكتفاء بما دونه ، ولو كان في البئر جزءان
مثلا لا يعلم انهما من جملة واحدة أو من متعددة ، فلا يخلو المتعدد إما أن يقوم
احتمال التغاير فيه كالكلب والأرنب مثلا أو لا ، فان كان الأول فالظاهر أنه ان علم
جزء منهما انه من جملة خاصة وشك في الآخر انه من تلك الجملة أو لا لم يبعد