إنما يكون من جهة
النجاسة ، وقد بينا فساده ، أو يكون من جهة سلب الطهورية ، وقد عرفت أن ذلك قاض
بالصحة ، أو يراد به بعض ما ذكرنا من الاثارة ونحوها ، وحينئذ يكون بمقتضى التعليل
به أن يكون هو المنهي عنه حقيقة ، وهو أمر خارج عن الغسل لا يقتضي فساد الغسل ، بل
مقتضى التعليل أن يكون الغسل صحيحا ، وإلا لعلل بعدم رفع الحدث به ، وأما على
القول بان النزح للنجاسة فإن قلنا ان الموجب للنجاسة تمام الغسل. فحينئذ صح غسله
وان تنجس بدنه بعد ذلك ، فيكون المرتمس حينئذ ارتماسة واحدة يرتفع حدثه وينجس بدنه
، وان قلنا أن النجاسة تحصل بمجرد وصول ماء الغسل اتجه القول بالفساد حينئذ ، لكن
الأول هو الأقوى ، وفي المدارك أن الحقّ أن إجراء هذه الأخبار على ظاهرها مشكل ،
فيجب حملها على نجاسة بدن الجنب أو على التقية لموافقتها لمذهب بعض العامة ، أو
على أن الغرض من ذلك مجرد التنظيف من ثوران الحمأة التي نشأت من نزول الجنب إلى
البئر ، وزوال النفرة الحاصلة من ذلك ، وهذا أقرب ، والله أعلم ، انتهى. وأنت خبير
بأن الحمل الأول في غاية البعد لترك الاستفصال عن النجاسة لاختلاف مقاديرها ، فكيف
يكتفى بالسبع ، والثاني أبعد لتظافر الأخبار وفتوى الأصحاب بمضمونها ، على أن جميع
أخبار النزح أو أكثرها مختلفة إلا هذا ، فإنها كلها اتفقت على السبع ، نعم الأقرب
ما قربه بناء على التحقيق السابق من كون البئر كالجاري ، والله أعلم.
ولوقوع الكلب
وخروجه حيا كما في المعتبر والمنتهى والتحرير والذكرى وظاهر المختلف وعن الشيخ في
المبسوط والقاضي وابن حمزة ، وعن النهاية والقاضي نسبته الرواية ، وفي الذكرى
نسبته للشهرة ، ويدل عليه صحيح أبي مريم [١] قال : حدثنا جعفر قال : كان أبو جعفر عليهالسلام يقول : « إذا مات
الكلب في البئر نزحت وقال عليهالسلام : إذا وقع فيها ثم خرج منها حيا نزح منها سبع دلاء » واشتمال
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٧ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ١.