عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سئل عن
الفأرة تقع في البئر قال عليهالسلام : إذا ماتت ولم
تنتن فأربعين دلوا وإذا تفسخت فيه ونتنت نزح الماء كله » فهما لم نعثر على أحد من
أصحابنا عمل بهما ، فيحمل الأول على وجوه ، منها الحمل على التغير أو الفضل ، وعن
الشيخ أنه قال في خبر أبي خديجة هذا محمول على الاستحباب لأن الوجوب في هذا
المقدار لم يعتبره أحد من أصحابنا ، ولذلك قال في الذكرى : « في السبع تمام
الاحتياط » وكأنه لعدم القائل بالزائد لا لعدم الرواية ، ومن ذلك تعرف الوجه أيضا
في المنقول [١] عن مسائل على بن جعفر عليهالسلام « أنه سأل أخاه عن فأرة وقعت في بئر فأخرجت وقد تقطعت هل
يصلح الوضوء من مائها؟ قال عليهالسلام : تنزح منها عشرون دلوا إذا تقطعت ثم يتوضأ » ومثله ما
نقلناه سابقا عن كشف اللثام عن الرضا عليهالسلام ، ولا يبعد حملهما على الاستحباب باختلاف مراتبه قوة وضعفا
، ومما قدمنا ظهر لك متمسك المرتضى رحمهالله من الأخبار المطلقة بنزح السبع ، وقد عرفت أنها منزلة على
المقيد ، وفي المعتبر بعد أن ذكر بعض الأخبار المتضمنة للثلاث مطلقا والبعض
المتضمن للسبع كذلك ، قال : فتحمل روايات الثلاث على عدم التفسخ ، والسبع عليه ،
واستشهد لذلك برواية أبي عيينة وأبي سعيد المكاري ، ثم قال : « وضعف أبي سعيد لا
يمنع من العمل بروايته على هذا الوجه لأنها تجري مجرى الأمارة الدالة على الفرق
وإن لم يكن حجة في نفسها » انتهى.
وأشار بذلك إلى مسألة
ينبغي أن تدون في الأصول ، وهي أن شاهد الجمع يشترط فيه أن يكون معتبرا في نفسه أو
لا يشترط فيه ذلك لأنه من قبيل القرائن ، بل قد يقال : إن الشهرة قد تكون صالحة
للجمع ، والأقوى في النظر الأول لأن شاهده حاكم على الدليلين معا ، فهو أولى
باشتراط كونه معتبرا من الحاكم على الدليل الواحد من المطلق أو العام ، وأما إطلاق
المقنع من نزح الدلو الواحد فلم نعثر له على شاهد على كثرة
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٩ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ١٤.