يستحب في المؤذن أمور: أحدها: العدالة، ولا تشترط عندنا، فيعتد بأذان الفاسق خلافا لابن الجنيد [1] لأنه يصح أذانه لنفسه لكونه عاقلا مسلما، فيعتبر في حق غيره لعدم المانع، إلا أن العدل أفضل، لقوله صلى الله عليه وآله: (يؤذن لكم خياركم) [2]، ولكونه مؤتمنا، ولأن الفاسق لا يؤمن تطلعه على العورات حال أذانه على مرتفع. ثانيها: كونه مبصرا ليتمكن من معرفة الأوقات، ولو أذن الأعمى جاز واعتد به، لما ورد في أذان ابن أم مكتوم وكان أعمى [3]، ويكره بغير مسدد عند الشيخ [4]، وابن إدريس [5]. ثالثها: أن يكون بصيرا بالأوقات، أي: عارفا بها، ليأمن الغلط، ولو أذن الجاهل في وقته صح واعتد به لحصول المطلوب. رابعها: أن يكون صيتا ليعم النفع به، فإن القصد به الاعلام، والنفع بالصيت فيه أبلغ، ولقول النبي صلى الله عليه وآله لعبد الله بن زيد: (ألقه على بلال، فإنه أندى منك صوتا) [6]، أي: أرفع ويستحب أن يكون حسن الصوت لتقبل القلوب على سماعه. خامسها: أن يكون متطهرا من الحدثين، وعليه إجماع العلماء، لقول النبي صلى الله عليه وآله: (حق وسنة أن لا يؤذن أحد، إلا وهو طاهر) [7]، وعنه صلى الله عليه وآله قال: (لا يؤذن إلا متوضئ) [8]، وليست الطهارة شرطا فيه عند علمائنا، لأنه [1] نقله عنه في المختلف: 90. [2] الفقيه 1: 185 حديث 880، سنن ابن ماجة 1: 240 حديث 726، سنن أبي داود 1: 161 حديث 590. [3] الفقيه 1: 194 حديث 905. [4] المبسوط 1: 97. [5] السرائر: 43. [6] سنن البيهقي 1: 391، سنن أبي داود 1: 135 حديث 499، سنن الدارقطني 1: 241 حديث 29. [7] سنن البيهقي 1: 397 باختلاف يسير، تلخيص الحبير المطبوع مع المجموع 3: 190 نقلا عن الدارقطني في الأفراد. [8] سنن الترمذي 1: 129 باب 147.